٩٥

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {قَالَ مَا مَكّنّي فِيهِ رَبّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً }.

يقول تعالـى ذكره: قال ذو القرنـين: الذي مكننـي فـي عمل ما سألتـمونـي من السدّ بـينكم وبـين هؤلاء القوم ربـي، ووطأه لـي، وقوّانـي علـيه، خير من جُعلكم، والأجرة التـي تعرضونها علـيّ لبناء ذلك، وأكثر وأطيب، ولكن أعينونـي منكم بقوّة، أعينونـي بفَعلة وصناع يُحسنون البناء والعمل. كما:

١٧٥٩٨ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد ما مَكّنّـي فِـيهِ رَبّـي خَيْرٌ فَأَعِينونـي بقُوَةٍ قال: برجال أجْعَلْ بَـيْنَكُمْ وَبَـيْنَهُمْ رَدْما وقال ما مكنـي، فأدغم إحدى النونـين فـي الأخرى، وإنـما هو ما مكننـي فـيه.

و قوله: أجعَلْ بَـيْنَكُمْ وَبَـيْنَهُمْ رَدْما يقول: أجعل بـينكم وبـين يأجوج ومأجوج ردما. والردم: حاجز الـحائط والسدّ، إلا أنه أمنع منه وأشدّ، يقال منه: قد ردم فلان موضع كذا يَردِمه رَدْما ورُداما ويقال أيضا: رَدّم ثوبه يردمه، وهو ثوب مُرَدّم: إذا كان كثـير الرقاع ومنه قول عنترة:

هَلْ غادَرَ الشّعَرَاءُ مِنْ مُتَرَدّمِأمْ هَلْ عَرَفْتَ الدّارَ بَعْدَ تَوَهّمِ

وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:

١٧٥٩٩ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عباس ، قوله: أجْعَلْ بَـيْنَكُمْ وَبَـيْنَهُمْ رَدْما قال: هو كأشدّ الـحجاب.

١٧٦٠٠ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، قال: ذكر لنا أن رجلاً قال: يا نبـيّ اللّه قد رأيت سدّ يأجوج ومأجوج، قال: (انْعَتْهُ لـي) ، قال: كأنه البرد الـمـحّبر، طريقة سوداء، وطريقة حمراء، قالَ: (قَدْ رأيَتَهُ) .

﴿ ٩٥