١٨

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمّا تَصِفُونَ }.

يقول تعالـى ذكره: ولكن ننزل الـحقّ من عندنا، وهو كتاب اللّه وتنزيـله علـى الكفر به وأهله، فـيَدْمَغُهُ يقول: فـيهلكه كما يدمغ الرجل الرجل بأن يشجّه علـى رأسه شجة تبلغ الدماغ، وإذا بلغت الشجة ذلك من الـمشجوج لـم يكن له بعدها حياة.

وقوله فإذَا هُوَ زَاهِقٌ يقول: فإذا هو هالك مضمـحلّ كما:

١٨٥٠٤ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة : فإذَا هَوَ زَاهِقٌ قال: هالك.

حدثنا بِشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة : فإذَا هُوَ زَاهِقٌ قال: ذاهب. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:

١٨٥٠٥ـ حدثنا بِشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، قوله: بَلْ نَقْذِفُ بـالـحَقّ عَلـى البـاطِلِ فَـيَدْمَغُهُ فإذَا هُوَ زَاهِقٌ والـحقّ كتاب اللّه القرآن، والبـاطل: إبلـيس، فَـيدْمَغُهُ فإذَا هُوَ زَاهِقٌ أي ذاهب.

و قوله: وَلَكُمُ الوَيْـلُ مِـمّا تَصِفُونَ يقول: ولكم الويـل من وصفكم ربكم بغير صفته، وقِـيـلكم إنه اتـخذ زوجة وولدا، وفِريتكم علـيه.

وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل، إلا أن بعضهم قال: معنى تصفون تكذبون. وقال آخرون: معنى ذلك: تشركون. وذلك وإن اختلفت به الألفـاظ فمتفقة معانـيه لأن من وصف اللّه بأن له صاحبة فقد كذب فـي وصفه إياه بذلك، وأشرك به، ووصفه بغير صفته. غير أن أولـى العبـارات أن يُعَبر بها عن معانـي القرآن أقربها إلـى فهم سامعيه. ذكر من قال ما قلنا فـي ذلك:

١٨٥٠٦ـ حدثنا بِشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، قوله: وَلَكُمْ الوَيْـلُ مِـمّا تَصِفُونَ أي تكذبون.

١٨٥٠٧ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جُرَيج: وَلَكُمُ الوَيْـلُ مِـمّا تَصِفونَ قال: تشركون وقوله عَمّا يَصِفُونَ قال: يشركون قال: وقال مـجاهد : سيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ قال: قولَهم الكذب فـي ذلك.

﴿ ١٨