٩القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلّ عَن سَبِيلِ اللّه لَهُ فِي الدّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ }. يقول تعالـى ذكره: يجادل هذا الذي يجادل فـي اللّه بغير علـم ثانِـيَ عِطْفِهِ. واختلف أهل التأويـل فـي الـمعنى الذي من أجله وصف بأنه يثنـي عطفه وما الـمراد من وصفه إياه بذلك، فقال بعضهم: وصفه بذلك لتكبره وتبختره. وذكر عن العرب أنها تقول: جاءنـي فلان ثانـي عطفه: إذا جاء متبخترا من الكبر ذكر من قال ذلك: ١٨٨٦٠ـ حدثنـي علـيّ، قال: حدثنا عبد اللّه ، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عباس ، فـي قوله: ثانِـيَ عِطْفِهِ يقول: مستكبرا فـي نفسه. وقال آخرون: بل معنى ذلك: لاوٍ رقبته. ذكر من قال ذلك: ١٨٨٦١ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: حدثنا الـحسن قال: حدثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد ، قوله: ثانِـي عِطْفِهِ قال: رقبته. حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مـجاهد ، مثله. ١٨٨٦٢ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة : ثانِـيَ عِطْفِهِ قال: لاوٍ عنقه. حدثنا الـحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة ، مثله. وقال آخرون: معنى ذلك أنه يُعْرِضُ عما يُدْعَى إلـيه فلا يسمع له. ذكر من قال ذلك: ١٨٨٦٣ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عباس ، قوله: ثانِـيَ عِطْفِهِ يقول: يعرض عن ذكري. ١٨٨٦٤ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: ثانِـيَ عِطْفِهِ عَنْ سَبِـيـلِ اللّه قال: لاويا رأسه، معرضا مولـيا، لا يريد أن يسمع ما قـيـل له. وقرأ: وَإذَا قِـيـلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللّه لَوّوْا رُؤُسَهُمْ ورأيْتَهُمْ يَصُدّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ وَإذَا تُتْلَـى عَلَـيْهِ آياتُنا وَلّـى مُسْتَكْبِرا. ١٨٨٦٥ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مـجاهد ، قوله: ثانِـيَ عِطْفِهِ قال: يعرض عن الـحقّ. قال أبو جعفر: وهذه الأقوال الثلاثة متقاربـات الـمعنى وذلك أن من كان ذا استكبـار فمن شأنه الإعراضُ عما هو مستكبر عنه ولَـيّ عنقه عنه والإعراض. والصواب من القول فـي ذلك أن يقال: إن اللّه وصف هذا الـمخاصم فـي اللّه بغير علـم أنه من كبره إذا دُعي إلـى اللّه أعرض عن داعيه لوى عنقه عنه ولـم يسمع ما يقال له استكبـارا. و قوله: لِـيُضِلّ عَنْ سَبِـيـلِ اللّه يقول تعالـى ذكره: يجادل هذا الـمشرك فـي اللّه بغير علـم معرضا عن الـحقّ استكبـارا، لـيصدّ الـمؤمنـين بـاللّه عن دينهم الذي هداهم له ويستزلهم عنه. لَهُ فِـي الدّنْـيا خِزْيٌ يقول جلّ ثناؤه: لهذا الـمـجادل فـي اللّه بغير علـم فـي الدنـيا خزي وهو القتل والذلّ والـمهانة بأيدي الـمؤمنـين، فقتله اللّه بأيديهم يوم بدر. كما: ١٨٨٦٦ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جُرَيج، قوله: فِـي الدّنـيْا خِزْيٌ قال: قُتل يوم بدر. و قوله: وَنُذِيقُهُ يَوْمَ القِـيامَةِ عَذَابَ الـحَرِيقِ يقول تعالـى ذكره: ونـحرقه يوم القـيامة بـالنار. |
﴿ ٩ ﴾