٥

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَقَالُوَاْ أَسَاطِيرُ الأوّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىَ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً }.

ذكر أن هذه الاَية نزلت فـي النّضْر بن الـحارث، وأنه الـمعنـيّ ب قوله: وَقالُوا أساطيرُ الأوّلِـينَ. ذكر من قال ذلك:

١٩٩٢٤ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا يونس بن بكير، قال: حدثنا مـحمد بن إسحاق، قال: حدثنا شيخ من أهل مصر، قدم منذ بضع وأربعين سنة، عن عكرِمة، عن ابن عباس ، قال: كان النّضْر بن الـحارث بن كَلَدَة بن علقمة بن عبد مناف بن عبد الدار بن قُصيّ من شياطين قريش، وكان يؤذي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وينصب له العداوة، وكان قد قَدِم الـحِيرة، تعلّـم بها أحاديث ملوك فـارس وأحاديث رُسْتَـم وأسفنديار، فكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا جلس مـجلسا فذكّر بـاللّه وحدّث قومه ما أصاب من قبلهم من الأمـم من نقمة اللّه ، خـلَفه فـي مـجلسه إذا قام، ثم يقول: أنا واللّه يا معشر قُريش أحسن حديثا منه، فهلـموا فأنا أحدثكم أحسن من حديثه ثم يحدّثهم عن ملوك فـارس ورسْتَـم وأسفنديار، ثم يقول: ما مـحمد أحسن حديثا منـي قال: فأنزل اللّه تبـارك وتعالـى فـي النضر ثمانـيَ آيات من القرآن، قوله: وَإذَا تُتْلَـى عَلَـيْهِ آياتُنا قالَ أساطيرُ الأوّلـينَ وكلّ ما ذُكِر فـيه الأساطير فـي القرآن.

حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، قال: ثنـي مـحمد بن أبـي مـحمد، عن سعيد أو عكرمة، عن ابن عباس نـحوه، إلاّ أنه جعل قوله: (فأنزل اللّه فـي النضْر ثمانـي آيات) ، عن ابن إسحاق، عن الكلْبـيّ، عن أبـي صالـح، عن ابن عباس .

١٩٩٢٥ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جُرَيج: أساطِيرُ الأوّلـينَ أشعارهم وكَهانتهم وقالها النضر بن الـحارث.

فتأويـل الكلام: وقال هؤلاء الـمشركون بـاللّه الذين قالوا لهذا القرآن إن هذا إلاّ إفك افتراه مـحمد صلى اللّه عليه وسلم : هذا الذي جاءنا به مـحمد أساطير الأوّلـين، يَعنُون أحاديثهم التـي كانوا يُسَطّرونها فـي كتبهم، اكتتبها مـحمد صلى اللّه عليه وسلم من يهود. فَهِيَ تُـمْلَـى عَلَـيْهِ يعنون ب قوله: فَهِي تُـمْلَـى عَلَـيْهِ فهذه الأساطير تُقرأ علـيه، من قولهم: أملـيت علـيك الكتاب وأملَلْت. بُكْرَةً وأصِيلاً يقول: وتـملَـى علـيه غُدْوة وعشيّا.

﴿ ٥