٨

أوْ يُـلْقَـى إلَـيْهِ كَنْزٌ أوْ تَكُونُ لَهُ جَنّةٌ يأْكُلُ مِنْها وَقالَ الظّالِـمُونَ إنْ تَتّبِعُونَ إلاّ رَجُلاً مَسْحُورا.

فتأويـل الكلام: وقال الـمشركون ما لِهَذا الرّسُولِ: يَعْنون مـحمدا صلى اللّه عليه وسلم ، الذي يزعم أن اللّه بعثه إلـينا، يَأكُلُ الطعَامَ كما نأكل، ويَـمْشِي فـي أسواقنا كما نـمشي.لَوْلاَ أنْزِلَ إلَـيهِ يقول: هلا أنزل إلـيه ملَك إن كان صادقا من السماء، فَـيَكُونَ مَعَه منذرا للناس، مصدّقا له علـى ما يقول، أو يـلقـى إلـيه كنز من فضة أو ذهب فلا يحتاج معه إلـى التصرّف فـي طلب الـمعاش، أوْ تكون له جنة يقول: أو يكون له بستان يَأكُلُ مِنْها.

واختلف القرّاء فـي قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الـمدينة والبصرة وبعض الكوفـيـين: يَأْكُلُ بـالـياء، بـمعنى: يأكل منها الرسول. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفـيـين: (نَأْكُلُ مِنْها) بـالنون، بـمعنى: نأكل من الـجنة.

وأولـى القراءتـين فـي ذلك عندي بـالصواب قراءة من قرأه بـالـياء وذلك للـخبر الذي ذكرنا قبل بأن مسألة من سأل من الـمشركين رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يسأل ربه هذه الـخلال لنفسه لا لهم فإذ كانت مسألتهم إياه ذلك كذلك، فغير جائز أن يقولوا له: سلْ لنفسك ذلك لنأكل نـحن.

وبعدُ، فإن فـي قوله تعالـى ذكره: تَبَـارَكَ الّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرا مِنْ ذَلِكَ جَنّاتٍ تَـجْرِي مِنْ تَـحْتِهَا الأنْهَارُ، دلـيلاً بـيّنا علـى أنهم إنـما قالوا له: اطلب ذلك لنفسك، لتأكل أنت منه، لا نـحن.

و قوله: وَقال الظّالِـمُونَ يقول: وقال الـمشركون للـمؤمنـين بـاللّه ورسوله: إنْ تَتّبِعُونَ أيّها القوم، بـاتبـاعكم مـحمدا إِلاّ رَجُلاً به مَسْحُورًا سحر.

﴿ ٨