١٠

و قوله: تَبـارَكَ الّذِي إنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرا مِنْ ذلكَ جَنّاتٍ تَـجْرِي مِنْ تَـحْتَها الأنهَارُ

يقول تعالـى ذكره: تقدس الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك.

واختلف أهل التأويـل فـي الـمعنىّ ب(ذلك) التـي فـي قوله: جَعَلَ لَكَ خَيْرا مِنْ ذَلكَ فقال بعضهم: معنى ذلك: خيرا مـما قال هؤلاء الـمشركون لك يا مـحمد، هلا أوتـيته وأنت للّه رسول ثم بـين تعالـى ذكره عن الذي لو شاء جعل له من خير مـما قالوا، فقال: جَنّاتٍ تَـجْرِي مِنْ تَـحْتِها الأنهَارُ. ذكر من قال ذلك:

١٩٩٣٠ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد ، قوله: تَبـارَكَ الّذِي إنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرا مِنْ ذلكَ خيرا مـما قالوا.

١٩٩٣١ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مـجاهد ، قوله: تَبـارَكَ الّذِي إن شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرا مِنْ ذلكَ قال: مـما قالوا وتـمنّوا لك، فـيجعل لك مكان ذلك جنات تـجري من تـحتها الأنهار.

وقال آخرون: عُنِـي بذلك الـمشي فـي الأسواق والتـماس الـمعاش. ذكر من قال ذلك:

١٩٩٣٢ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، عن مـحمد بن أبـي مـحمد، فـيـما يرى الطبريّ، عن سعيد بن جُبر، أو عكرِمة، عن ابن عباس ، قال: ثم قال: تَبَـارَك الّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرا مِنْ ذَلِكَ من أن تـمشيَ فـي الأسواق وتلتـمس الـمعاش كما يـلتـمسه الناس، جَنّاتٍ تَـجْرِي مِنْ تَـحْتِهَا الأَنْهَارُ وَيجْعَلْ لَكَ قُصُورا.

قال أبو جعفر: والقول الذي ذكرناه عن مـجاهد فـي ذلك أشبه بتأويـل الاَية، لأن الـمشركين إنـما استعظموا أن لا تكون له جنة يأكل منها وأن لا يُـلْقـى إلـيه كنز، واستنكروا أن يـمشي فـي الأسواق وهو للّه رسول. فـالذي هو أولـى بوعد اللّه إياه أن يكون وعدا بـما هو خير ما كان عند الـمشركين عظيـما، لا مـما كان منكرا عندهم. وعُنِـي ب قوله: جَنّاتٍ تَـجْرِي مِنْ تَـحْتِها الأنهَارُ بساتـين تـجري فـي أصول أشجارها الأنهار. كما:

١٩٩٣٣ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء جميعا عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد : جَنّاتٍ تَـجْرِي مِنْ تَـحْتِها الأنهَارُ قال: حوائط.

و قوله: وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورا يعني بـالقصور: البـيوت الـمبنـية.

وبنـحو ما قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:

١٩٩٣٤ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: قال: أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد : وَيجْعَلْ لَكَ قُصُورا قال: بـيوتا مبنـية مشيدة، كان ذلك فـي الدنـيا. قال: كانت قريش ترى البـيت من الـحجارة قصرا كائنا ما كان.

حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مـجاهد : ويَجْعَلْ لَكَ قُصُورا مشيدة فـي الدنـيا، كل هذا قالته قريش. وكانت قريش ترى البـيت من حجارة ما كان صغيرا قَصْرا.

١٩٩٣٥ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفـيان، عن حبـيب قال: قـيـل للنبـيّ صلى اللّه عليه وسلم : إن شئت أن نعطيك من خزائن الأرض ومفـاتـيحها ما لـم يُعْطَ نبـيّ قبلك ولا يعطى من بعدك ولا ينقص ذلك مـما لك عند اللّه تعالـى؟ فقال: (اجْمَعُوها لـي فـي الاَخِرَةِ) فأنزل اللّه فـي ذلك: تَبـارَكَ الّذي إنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرا مِنْ ذلكَ جَنّاتٍ تَـجْرِي مِنْ تَـحْتِها الأنهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورا.

﴿ ١٠