١٤قوله: لا تَدْعُوا الـيَوْمَ ثُبُورا واحِدا الثبور: الهلاك. قال أبو جعفر: والثبور فـي كلام العرب أصله انصراف الرجل عن الشيء، يقال منه: ما ثَبَرك عن هذا الأمر؟ أي ما صرفك عنه. وهو فـي هذا الـموضع دعاء هؤلاء القوم بـالندم علـى انصرافهم عن طاعة اللّه فـي الدنـيا والإيـمان بـما جاءهم به نبـيّ اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتـى استوجبوا العقوبة منه، كما يقول القائل: واندامتاه، واحسرتاه علـى ما فرّطت فـي جنب اللّه . وكان بعض أهل الـمعرفة بكلام العرب من أهل البصرة يقول فـي قوله: دَعَوْا هُنالكَ ثُبُورا أي هَلَكة، ويقول: هو مصدر من ثُبِرَ الرجل: أي أهلك، ويستشهد لقـيـله فـي ذلك ببـيت ابن الزّبَعْرَي: إذْ أُجارِي الشّيْطانَ فِـي سَنَنِ الْغَيّ وَمَنْ مالَ مَيْـلَهُ مَثْبُورُ و قوله: لا تَدْعُوا الـيَوْمَ أيها الـمشركون ندما واحدا: أي مرّة واحدة، ولكن ادعوا ذلك كثـيرا. وإنـما قـيـل: لا تَدْعُوا الـيَوْمَ ثُبُورا وَاحِدا لأن الثبور مصدر، والـمصادر لا تـجمع، وإنـما توصف بـامتداد وقتها وكثرتها، كما يقال: قعد قعودا طويلاً، وأكل أكلاً كثـيرا. ١٩٩٤٢ـ حدثنا مـحمد بن مرزوق، قال: حدثنا حجاج، قال: حدثنا حماد، قال: حدثنا علـيّ بن زيد، عن أنس بن مالك، أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (أوّلُ مَنْ يُكْسَى حُلّةً مِنَ النّارِ إبْلِـيسُ، فَـيَضَعُها عَلـى حاجِبَـيْهِ، وَيَسْحَبُها مِنْ خَـلْفِهِ، وَذُرّيّتُهُ مِنْ خَـلْفِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: يا ثُبُورَاه وَهُمْ يُنادُونَ: يا ثُبُورَهُمْ حتـى يَقِـفُوا عَلـى النّارِ، وَهُوَ يَقُولُ: يا ثُبُورَاهُ وَهُمْ يُنادُونَ: يا ثُبُورَهُمْ فَـيُقالُ: لا تَدْعُوا الـيَوْمَ ثُبُورا وَاحدا وَادْعُوا ثُبُورا كَثِـيرا) . |
﴿ ١٤ ﴾