١٦

و قوله: لَهُمْ فِـيها ما يَشاءُونَ يقول: لهؤلاء الـمتقـين فـي جنة الـخـلد التـي وَعَدَهموها اللّه ، ما يشاءون مـما تشتهيه الأنفس وتلذّ الأعين.

خالدِينَ فـيها، يقول: لابثـين فـيها ماكثـين أبدا، لا يزولون عنها ولا يزول عنهم نعيـمها.

و قوله: كانَ عَلـى رَبّكَ وَعْدا مَسْئُولاً وذلك أن الـمؤمنـين سألوا ربهم ذلك فـي الدنـيا حين قالوا: آتِنا ما وَعَدْتَنا عَلـى رُسُلِكَ يقول اللّه تبـارك وتعالـى: كان إعطاء اللّه الـمؤمنـين جنة الـخـلد التـي وصف صفتها فـي الاَخرة، وعْدا وعدهُمُ اللّه علـى طاعتهم إياه فـي الدنـيا ومسئلتهم إياه ذلك.

وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:

١٩٩٤٣ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جُرَيج، عن عطاء الـخراسانـيّ، عن ابن عباس : كانَ عَلـى رَبّكَ وَعْدا مَسْئُولاً قال: فسألوا الذي وعدَهُم وتنـجزوه.

١٩٩٤٤ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله: كانَ عَلـى رَبّكَ وَعْدا مَسْئُولاً قال: سألوه إياه فـي الدنـيا، طلبوا ذلك فأعطاهم وعدهم، إذ سألوه أن يعطيهم فأعطاهم، فكان ذلك وعدا مسئولاً، كما وقّت أرزاق العبـاد فـي الأرض قبل أن يخـلقهم فجعلها أقواتا للسائلـين، وقّت ذلك علـى مسئلتهم. وقرأ: وَقَدّرَ فِـيها أقْوَاتَها فِـي أرْبَعَةِ أيّامٍ سَوَاءً للسّائِلِـينَ.

وقد كان بعض أهل العربـية يوجه معنى قوله: وَعْدا مَسْئُولاً إلـى أنه معنـيّ به وعدا واجبـا، وذلك أن الـمسئول واجب، وإن لـم يُسْأل كالدين، ويقول: ذلك نظير قول العرب: لأعطينك ألفـا وعدا مسئولاً، بـمعنى واجب لك فتسأله.

﴿ ١٦