١٢

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُوَءٍ ...}.

يقول تعالـى ذكره مخبرا عن قـيـله لنبـيه موسى: وأدْخِـلْ يَدَكَ فِـي جَيْبِكَ ذكر أنه تعالـى ذكره أمره أن يدخـل كفه فـي جيبه وإنـما أمره بإدخاله فـي جيبه، لأن الذي كان علـيه يومئذ مِدرعة من صوف. قال بعضهم: لـم يكن لها كُمّ. وقال بعضهم: كان كمها إلـى بعض يده. ذكر من قال ذلك:

٢٠٤٤٢ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مـجاهد وأَدْخِـلْ يَدَكَ فِـي جَيْبِكَ قال: الكفّ فقط فـي جيبك. قال: كانت مدرعة إلـى بعض يده، ولو كان لها كُمّ أمره أن يدخـل يده فـي كمه.

٢٠٤٤٣ـ قال: ثنـي حجاج، عن يونس بن أبـي إسحاق، عن أبـيه، عن عمرو بن ميـمون، قال: قال ابن مسعود: إن موسى أتـى فرعون حين أتاه فـي ذُرْ مانقة، يعني جبة صوف.

و قوله: تـخْرُجْ بَـيْضَاءَ يقول: تـخرج الـيد بـيضاء بغير لون موسى من غيرِ سُوءٍ يقول: من غير برص فـي تسع آيات،

يقول تعالـى ذكره: أدخـل يدك فـي جيبك تـخرج بـيضاء من غير سوء، فهي آية فـي تسع آيات مُرسل أنت بهنّ إلـى فرعون وترك ذكر مرسل لدلالة قوله إلـى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ علـى أن ذلك معناه، كما قال الشاعر:

رأتْنِـي بِحَبْلَـيْها فَصَدّتْ مَخافَةًوفِـي الـحَبْلِ رَوْعاءُ الفُؤَادِ فَرُوقُ

ومعنى الكلام: رأتنـي مقبلاً بحبلـيها، فترك ذكر (مقبل) استغناء بـمعرفة السامعين معناه فـي ذلك، إذ قال: رأتنـي بحبلـيها ونظائر ذلك فـي كلام العرب كثـيرة.

والاَيات التسع: هنّ الاَيات التـي بـيّناهنّ فـيـما مضى. وقد:

٢٠٤٤٤ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله تِسْعِ آياتٍ إلـى فِرْعَوْنَ وقَوْمهِ قال: هي التـي ذكر اللّه فـي القرآن: العصا، والـيد، والـجراد، والقمل، والضفـادع، والطوفـان، والدم، والـحجر، والطّمْس الذي أصاب آل فرعون فـي أموالهم.

و قوله: إنّهُمْ كانُوا قَوْما فـاسِقِـينَ يقول: إن فرعون وقومه من القبط كانوا قوما فـاسقـين، يعني كافرين بـاللّه ، وقد بـيّنا معنى الفسق فـيـما مضى.

﴿ ١٢