٤

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {إِنّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي الأرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَآئِفَةً ...}.

يقول تعالـى ذكره: إن فرعون تـجبر فـي أرض مصر وتكبر، وعلا أهلها وقهرهم، حتـى أقرّوا له بـالعبودة. كما:

٢٠٦٧٠ـ حدثنا مـحمد بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسبـاط، عن السديّ إنّ فِرْعَوْنَ عَلا فـي الأرْضِ يقول: تـجبر فـي الأرض.

٢٠٦٧١ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة إنّ فِرْعَوْنَ عَلا فِـي الأرْضِ أي بغى فـي الأرض.

و قوله: وَجَعَلَ أهْلَها شِيَعا يعني بـالشيع: الفِرَق، يقول: وجعل أهلَها فِرقا متفرّقـين. كما:

٢٠٦٧٢ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة وَجَعَلَ أهْلَها شِيَعا: أي فرقا يذبح طائفة منهم، ويستـحيـي طائفة، ويعذّب طائفة، ويستعبد طائفة. قال اللّه عزّ وجلّ: يُذَبّحُ أبْناءَهُمْ، وَيَسْتَـحْيِـي نِساءَهُمْ، إنّهُ كانَ مِنَ الـمُفْسِدِينَ.

٢٠٦٧٣ـ حدثنـي موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسبـاط، عن السديّ، قال: كان من شأن فرعون أنه رأى رؤيا فـي منامه، أن نارا أقبلت من بـيت الـمقدس حتـى اشتـملت علـى بـيوت مصر، فأحرقت القبط، وتركت بنـي إسرائيـل، وأحرقت بـيوت مصر، فدعا السحرة والكهنة والقافة والـحازة، فسألهم عن رؤياه، فقالوا له: يخرج من هذا البلد الذي جاء بنو إسرائيـل منه، يعنون بـيت الـمقدس، رجل يكون علـى وجهه هلاك مصر، فأمر ببنـي إسرائيـل أو لا يولد لهم غلام إلاّ ذبحوه، ولا تولد لهم جارية إلاّ تركت، وقال للقبط: انظروا مـملوكيكم الذين يعملون خارجا، فأدخـلوهم، واجعلوا بنـي إسرائيـل يـلون تلك الأعمال القذرة، فجعل بنـي إسرائيـل فـي أعمال غلـمانهم، وأدخـلوا غلـمانهم، فذلك حين يقول: إنّ فِرْعَوْنَ عَلا فِـي الأرْضِ وَجَعَلَ أهْلَها شِيَعا يعني بنـي إسرائيـل حين جعلهم فـي الأعمال القذرة.

٢٠٦٧٤ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد وَجَعَلَ أهْلَها شِيَعا قال: فرّق بـينهم.

حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مـجاهد : وَجَعَلَ أهْلَها شِيَعا قال: فِرَقا.

٢٠٦٧٥ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله: وَجَعَلَ أهْلَها شِيَعا قال: الشيع: الفِرَق.

و قوله: يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ ذكر أن استضعافه إياها كان استعبـاده. ذكر من قال ذلك:

٢٠٦٧٦ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي أبو سفـيان، عن معمر، عن قتادة : يستعبد طائفة منهم، ويذبح طائفة، ويقتل طائفة، ويستـحيـي طائفة.

و قوله: إنّهُ كانَ مِنَ الـمُفْسِدِينَ يقول: إنه كان مـمن يفسد فـي الأرض بقتله من لا يستـحقّ منه القتل، واستعبـاده من لـيس له استعبـاده وتـجبره فـي الأرض علـى أهلها، وتكبره علـى عبـادة ربه.

﴿ ٤