٥القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {ادْعُوهُمْ لاَبَآئِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللّه فَإِن لّمْ تَعْلَمُوَاْ آبَاءَهُمْ فَإِخوَانُكُمْ فِي الدّينِ ...}. يقول اللّه تعالـى ذكره: انسبوا أدعياءكم الذين ألـحقتـم أنسابهم بكم لاَبـائهم. يقول لنبـيه مـحمد صلى اللّه عليه وسلم : ألـحق نسب زيد بأبـيه حارثة، ولا تدعه زيدا بن مـحمد. وقوله هُوَ أقْسَطُ عِنْدَ اللّه يقول: دعاؤكم إياهم لاَبـائهم هو أعدل عند اللّه ، وأصدق وأصوب من دعائكم إياهم لغير آبـائهم ونسبتكموهم إلـى من تبنّاهم وادّعاهم ولـيسوا له بنـين. كما: ٢١٥٧٩ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، قوله: ادْعُوهُمْ لاَبـائهِمْ هُوَ أقْسَطُ عِنْدَ اللّه : أي أعدل عند اللّه ، و قوله: فإنْ لَـمْ تَعْلـمُوا آبـاءَهُمْ فَإخْوَانُكُمْ فِـي الدّينِ وَمَوَالِـيكُمْ يقول تعالـى ذكره: فإن أنتـم أيها الناس لـم تعلـموا آبـاء أدعيائكم من هم فتنسبوهم إلـيهم، ولـم تعرفوهم، فتلـحقوهم بهم، فإخوانكم فـي الدين يقول: فهم إخوانكم فـي الدين، إن كانوا من أهل ملّتكم، وموالـيكم إن كانوا مـحرّريكم ولـيسوا ببنـيكم. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: ٢١٥٨٠ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ادْعُوهُمْ لاَبـائهمْ هُوَ أقْسَطُ عِنْدَ اللّه : أي أعدل عند اللّه فإنْ لَـمْ تَعْلَـمُوا آبـاءَهُمْ فإخْوَانَكُمْ فِـي الدّينِ وَمَوَالِـيكُمْ فإن لـم تعلـموا من أبوه فإنـما هو أخوك ومولاك. ٢١٥٨١ـ حدثنـي يعقوب، قال: حدثنا ابن علـية، عن عُيـينة بن عبد الرحمن، عن أبـيه، قال: قال أبو بكرة: قال اللّه ادْعُوهُمْ لاَبـائهِمْ هُوَ أقْسَطُ عِنْدَ اللّه ، فإنْ لَـمْ تَعْلَـمُوا آبـاءَهُمْ فإخْوَانُكُمْ فِـي الدّينِ وَمَوَالِـيكُمْ فأنا مـمن لا يُعرف أبوه، وأنا من إخوانكم فـي الدين، قال: قال أبـي: واللّه إنـي لأظنه لو علـم أن أبـاه كان حمّارا لانتـمى إلـيه. و قوله: وَلَـيْسَ عَلـيْكُمْ جُناحٌ فِـيـما أخْطأْتُـمْ بِهِ يقول: ولا حرج علـيكم ولا وزر فـي خطأ يكون منكم فـي نسبة بعض من تنسبونه إلـى أبـيه، وأنتـم ترونه ابن من ينسبونه إلـيه، وهو ابن لغيره وَلَكِنْ ما تَعَمّدَتْ قُلُوبُكُمْ يقول: ولكن الإثم والـحرج علـيكم فـي نسبتكموه إلـى غير أبـيه، وأنتـم تعلـمونه ابن غير من تنسبونه إلـيه. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: ٢١٥٨٢ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة وَلَـيْسَ عَلَـيْكُمْ جُناحٌ فِـيـما أخْطأْتُـمْ بِهِ يقول: إذا دعوت الرجل لغير أبـيه، وأنت ترى أنه كذلك وَلَكِنْ ما تَعَمّدَتْ قُلُوبُكُمْ يقول اللّه : لا تدعه لغير أبـيه متعمدا. أما الـخطأ فلا يؤاخذكم اللّه به وَلَكِنْ يُؤَاخِذْكُمْ بِـمَا تَعَمّدَتْ قُلُوبُكُمْ. ٢١٥٨٣ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد تَعَمّدَتْ قُلُوبُكُمْ قال: فـالعمد ما أتـى بعد البـيان والنهي فـي هذا وغيره. و (ما) التـي فـي قوله وَلَكِنْ ما تَعَمّدَتْ قُلُوبُكُمْ خفض ردّا علـى (ما) التـي فـي قوله فِـيـما أخْطأْتُـمْ بِهِ وذلك أن معنى الكلام: لـيس علـيكم جناح فـيـما أخطأتـم به، ولكن فـيـما تعمدت قلوبكم. و قوله: وكانَ اللّه غَفُورا رَحِيـما يقول اللّه تعالـى ذكره: وكان اللّه ذا ستر علـى ذنب من ظاهر زوجته فقال البـاطل والزور من القول، وذنب من ادّعى ولد غيره ابنا له، إذا تابـا وراجعا أمر اللّه ، وانتهيا عن قـيـل البـاطل بعد أن نهاهما ربهما عنه ذا رحمة بهما أن يعاقبهما علـى ذلك بعد توبتهما من خطيئتهما. |
﴿ ٥ ﴾