١٣

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَإِذْ قَالَت طّآئِفَةٌ مّنْهُمْ يَأَهْلَ يَثْرِبَ لاَ مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُواْ...}.

 يعني تعالـى ذكره ب قوله: وَإذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ وإذ قال بعضهم: يا أهل يثرب، ويثرب: اسم أرض، فـيقال: إن مدينة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فـي ناحية من يثرب.

و قوله: (لا مَقامَ لَكُمْ فـارْجِعُوا) بفتـح الـميـم من مقام. يقول: لا مكان لكم، تقومون فـيه، كما قال الشاعر:

فأيّـيّ ما وأَيّكَ كانَ شَرّافَقـيدَ إلـى الـمَقامَةِ لا يَرَاها

قوله فـارْجِعُوا يقول: فـارجعوا إلـى منازلكم أمرهم بـالهرب من عسكر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم والفرار منه، وترك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم . و

قـيـل: إن ذلك من قـيـل أوس بن قـيظي ومن وافقه علـى رأيه. ذكر من قال ذلك:

٢١٦٢٥ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، قال: ثنـي يزيد، بن رومان وَإذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أهْلَ يَثْرِبِ... إلـى فِرَارا يقول: أوس بن قـيظي، ومن كان علـى ذلك من رأيه من قومه. والقراءة علـى فتـح الـميـم من قوله: (لا مَقامَ لَكُمْ) بـمعنى: لا موضع قـيام لكم، وهي القراءة التـي لا أستـجيز القراءة بخلافها، لإجماع الـحجة من القرّاء علـيها. وذُكر عن أبـي عبد الرحمن السلـمي أنه قرأ ذلك: لا مُقامَ لَكُمْ بضم الـميـم، يعني : لا إقامة لكم.

و قوله: وَيَسْتأذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النبي يَقُولُونَ إنّ بُـيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ

يقول تعالـى ذكره: ويستأذن بعضهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فـي الإذن بـالانصراف عنه إلـى منزله، ولكنه يريد الفرار والهرب من عسكر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:

٢١٦٢٦ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عباس ، قوله: وَيَسْتأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النبي ... إلـى قوله إلاّ فِرَارا قال: هم بنو حارثة، قالوا: بـيوتنا مخـلـية نـخشى علـيها السرق.

٢١٦٢٧ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد ، قوله: إنّ بُـيُوتَنا عَوْرَةٌ قال: نـخشى علـيها السرق.

٢١٦٢٨ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، قوله: وَيَسْتأذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النبي يَقُولُونَ إنّ بُـيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بعَوْرَةٍ وإنها مـما يـلـي العدوّ، وإنا نـخاف علـيها السرّاق، فبعث النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فلا يجد بها عدوّا، قال اللّه : إنْ يُرِيدُونَ إلاّ فِرَارا يقول: إنـما كان قولهم ذلك إنّ بُـيُوتَنا عَوْرَةٌ إنـما كان يريدون بذلك الفرار.

٢١٦٢٩ـ حدثنا مـحمد بن سنان القزاز، قال: حدثنا عبـيد اللّه بن حمران، قال: حدثنا عبد السلام بن شدّاد أبو طالوت عن أبـيه فـي هذه الاَية إنّ بُـيُوتَنا عَوْرَةٌ، وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ قال: ضائعة.

﴿ ١٣