٢١

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {لّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّه أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لّمَن كَانَ يَرْجُو اللّه وَالْيَوْمَ الاَخِرَ وَذَكَرَ اللّه كَثِيراً }.

اختلفت القرّاء فـي قراءة قوله: أُسْوَةٌ فقرأ ذلك عامة قرّاء الأمصار: (إسْوَةٌ) بكسر الألف، خلا عاصم بن أبـي النـجود، فإنه قرأه بـالضمّ: أُسْوَةٌ. وكان يحيى بن وثاب يقرأ هذه بـالكسر، ويقرأ قوله لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِـيهِمْ أُسْوَةٌ بـالضمّ، وهما لغتان. وذُكر أن الكسر فـي أهل الـحجاز، والضمّ فـي قـيس. يقولون: أُسوة، وأُخوة. وهذا عتاب من اللّه للـمتـخـلفـين عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وعسكره بـالـمدينة، من الـمؤمنـين به. يقول لهم جلّ ثناؤه: لقد كان لكم فـي رسول اللّه أسوة حسنة، أن تتأسوا به، وتكونوا معه حيث كان، ولا تتـخـلّفوا عنه. لِـمَنْ كانَ يَرْجُو اللّه يقول: فإن من يرجو ثواب اللّه ورحمته فـي الاَخرة لا يرغب بنفسه، ولكنه تكون له به أُسوة فـي أن يكون معه حيث يكون هو. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:

٢١٦٥٤ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، قال: ثنـي يزيد بن رومان، قال: ثم أقبل علـى الـمؤمنـين، فقال لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِـي رَسُولِ اللّه أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لـمَنْ كانَ يَرْجُو اللّه وَالـيَومَ الاَخِرَ أن لا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه، ولا عن مكان هو به. وَذَكَرَ اللّه كَثِـيرا يقول: وأكثر ذكر اللّه فـي الـخوف والشدّة والرخاء.

﴿ ٢١