٨القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {أَفْتَرَىَ عَلَى اللّه كَذِباً أَم بِهِ جِنّةٌ بَلِ الّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاَخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضّلاَلِ الْبَعِيدِ }. يقول تعالـى ذكره مخبرا عن قـيـل هؤلاء الذين كفروا به، وأنكروا البعث بعد الـمـمات بعضهم لبعض، معجبـين من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فـي وعده إياهم ذلك: أفترى هذا الذي يعدنا أنا بعد أن نـمزّق كلّ مـمزّق فـي خـلق جديد علـى اللّه كذبـا، فتـخـلق علـيه بذلك بـاطلاً من القول، وتـخرص علـيه قول الزور أمْ به جِنّةٌ يقول: أم هو مـجنون فـيتكلـم بـما لا معنى له. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: ٢١٩١٣ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قال: قالوا تكذيبـا: أفْتَرَى علـى اللّه كَذِبـا قال: قالوا: إما أن يكون يكذب علـى اللّه ، أم به جنة، وإما أن يكون مـجنونا بَلِ الّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ... الاَية. ٢١٩١٤ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد ثم قال بعضهم لبعض: أفْتَرَى عَلـى اللّه كَذِبـا أمْ بِهِ جِنّةٌ الرجل مـجنون فـيتكلـم بـما لا يعقل، فقال اللّه : بَلِ الّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بـالاَخِرَةِ فِـي العَذَابِ والضّلالِ البَعِيدِ. و قوله: بَلِ الّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بـالاَخِرَةِ فِـي العَذَابِ والضّلالِ البَعِيدِ يقول تعالـى ذكره: ما الأمر كما قال هؤلاء الـمشركون فـي مـحمد صلى اللّه عليه وسلم ، وظنوا به من أنه أفترى علـى اللّه كذبـا، أو أن به جنة، لكنّ الذين لا يؤمنون بـالاَخرة من هؤلاء الـمشركين فـي عذاب اللّه فـي الاَخرة، وفـي الذهاب البعيد عن طريق الـحقّ، وقصد السبـيـل، فهم من أجل ذلك يقولون فـيه ما يقولون. ٢١٩١٥ـ حدثنـي يونس بن عبد الأعلـى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد قال اللّه : بَلِ الّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بـالاَخِرَةِ فِـي العَذَابِ والضّلالِ البَعِيدِ وأمره أن يحلف لهم لـيعتبروا، وقرأ: قُلْ بَلـى وَرَبّـي لَتُبْعَثُنّ ثُمّ لَتُنَبّؤُنّ بِـما عَمِلْتُـمْ... الاَية كلها، وقرأ: قُلْ بَلـى وَربّـي لَتَأْتِـيَنّكُمْ. وقطعت الألف من قوله: أفْتَرَى علـى اللّه فـي القطع والوصل، ففتُـحت لأنها ألف استفهام. فأما الألف التـي بعدها، التـي هي ألف أفتعل، فإنها ذهبت لأنها خفـيفة زائدة تسقط فـي اتصال الكلام، ونظيرها: سَوَاءٌ عَلَـيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ وبِـيَدَيّ أسْتَكْبَرْتَ وأَصْطَفَـى الْبَنَاتِ وما أشبه ذلك. وأما ألف (آلاَنَ) (وآلذّكَرَيْنِ) فطوّلت هذه، ولـم تطوّل تلك، لأن آلاَن وآلذكرين كانت مفتوحة، فلو أسقطت لـم يكن بـين الاستفهام والـخبر فرق، فجعل التطويـل فـيها فرقا بـين الاستفهام والـخبر، وألف الاستفهام مفتوحة، فكانتا مفترقتـين بذلك، فأغنى ذلك دلالة علـى الفرق من التطويـل. |
﴿ ٨ ﴾