٣٢

و قوله: وإنْ كُلّ لـمّا جَميعٌ لَدَيْنا مُـحْضَرُونَ

يقول تعالـى ذكره: وإن كل هذه القرون التـي أهلكناها والذين لـم نهلكهم وغيرهم عندنا يوم القـيامة جميعهم مـحضرون، كما:

٢٢٢٧٧ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد عن قتادة وَإنْ كُلّ لـمّا جَميعٌ لَدَيْنا مُـحْضَرُونَ أي هم يوم القـيامة.

واختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الـمدينة والبصرة وبعض الكوفـيـين: (وَإنْ كُلّ لَـمَا) بـالتـخفـيف توجيها منهم إلـى أن ذلك (ما) أدخـلت علـيها اللام التـي تدخـل جوابـا لإنْ وأن معنى الكلام: وإن كلّ لـجميع لدينا مـحضرون. وقرأ ذلك عامة قرّاء أهل الكوفة: لَـمّا بتشديد الـميـم. ولتشديدهم ذلك عندنا وجهان: أحدهما: أن يكون الكلام عندهم كان مرادا به: وإن كلّ لـمـما جميع، ثم حذفت إحدى الـميـمات لـما كثرت، كما قال الشاعر:

غَدَاةَ طَفَت عَلْـماءِ بَكْرُ بنُ وَائِلٍوَعُجنْا صُدُورَ الـخَيْـلِ نَـحْوَ تَـمِيـمِ

والاَخر: أن يكونوا أرادوا أن تكون لَـمّا بـمعنى إلا، مع إنْ خاصة فتكون نظيرة إنـما إذا وضعت موضع (إلا) . وقد كان بعض نـحويـيّ الكوفة يقول: كأنها (لَـمْ) ضمت إلـيها (ما) ، فصارتا جميعا استثناء، وخرجتا من حدّ الـجحد. وكان بعض أهل العربـية يقول: لا أعرف وجه (لـمّا) بـالتشديد.

والصواب من القول فـي ذلك عندي أنهما قراءتان مشهورتان متقاربتا الـمعنى، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب.

﴿ ٣٢