٢

 قوله: بَلِ الّذِينَ كَفَرُوا فِـي عِزّةٍ وَشِقاقٍ فكان معلوما بذلك أنه إنـما أخبر عن القرآن أنه أنزله ذكرا لعبـاده ذكّرهم به، وأن الكفـار من الإيـمان به فـي عزّة وشقاق.

واختلف فـي الذي وقع علـيه اسم القسم، فقال بعضهم وقع القسم علـى قوله: بَلِ الّذِينَ كَفَرُوا فِـي عِزّةٍ وَشِقاقٍ. ذكر من قال ذلك:

٢٢٨١١ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة بَلِ الّذِينَ كَفَرُوا فِـي عِزّةٍ قال: ها هنا وقع القسم.

وكان بعض أهل العربـية يقول: (بل) دلـيـل علـى تكذيبهم، فـاكتفـى ببل من جواب القسم، وكأنه

قـيـل: ص، ما الأمر كما قلتـم، بل أنتـم فـي عزّة وشقاق. وكان بعض نـحويـي الكوفة يقول: زعموا أن موضع القسم فـي قوله: إنْ كُلٌ إلاّ كَذّبَ الرّسُلَ. وقال بعض نـحويـي الكوفة: قد زعم قوم أن جواب والقُرآنِ قوله: إنّ ذلكَ لَـحَقّ تَـخاصُمُ أهْلِ النّارِ قال: وذلك كلام قد تأخر عن قوله: والقُرآنِ تأخرا شديدا، وجرت بـينهما قصص مختلفة، فلا نـجد ذلك مستقـيـما فـي العربـية، واللّه أعلـم.

قال: ويقال: إن قوله: والقُرآنِ يـمين اعترض كلام دون موقع جوابها، فصار جوابها للـمعترض وللـيـمين، فكأنه أراد: والقرآن ذي الذكر، لَكَمْ أهلكنا، فلـما اعترض قوله بَل الّذِينَ كَفَرُوا فِـي عزّةٍ صارت كم جوابـا للعزّة والـيـمين. قال: ومثله قوله: والشّمْسِ وضُحاها اعترض دون الـجواب قوله: وَنَفْسٍ وَما سَوّاها فأَلْهَمَها فصارت قد أفلـح تابعة ل قوله: فألهمها، وكفـى من جواب القسم، فكأنه قال: والشمس وضحاها لقد أفلـح.

والصواب من القول فـي ذلك عندي، القول الذي قاله قتادة ، وأن قوله: بَلْ لـما دلّت علـى التكذيب وحلّت مـحلّ الـجواب استغنـي بها من الـجواب، إذ عُرف الـمعنى، فمعنى الكلام إذ كان ذلك كذلك: ص والقُرآنِ ذِي الذّكْرِ ما الأمر، كما يقول هؤلاء الكافرون: بل هم فـي عزّة وشقاق.

و قوله: بَلِ الّذِينَ كَفَرُوا فِـي عِزّةٍ وَشِقاقٍ

يقول تعالـى ذكره: بل الذين كفروا بـاللّه من مشركي قريش فـي حمية ومشاقة، وفراق لـمـحمد وعداوة، وما بهم أن لا يكونوا أهل علـم، بأنه لـيس بساحر ولا كذّاب. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:

٢٢٨١٢ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد ، فـي قوله: فِـي عِزّةٍ وَشِقاقٍ قال: مُعازّين.

٢٢٨١٣ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة فِـي عِزّةٍ وَشِقاقٍ: أي فـي حَمِيّة وفراق.

٢٢٨١٤ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله: بَلِ الّذِينَ كَفَرُوا فِـي عِزّةٍ وَشِقاقٍ قال: يعادون أمر اللّه ورسله وكتابه، ويشاقون، ذلك عزّة وشِقاق، فقلت له: الشقاق: الـخلاف، فقال: نعم.

﴿ ٢