٥٣القول فـي تأويـل قوله تعالى: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الاَفَاقِ وَفِيَ أَنفُسِهِمْ حَتّىَ يَتَبَيّنَ لَهُمْ أَنّهُ الْحَقّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبّكَ أَنّهُ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ شَهِيدٌ يقول تعالى ذكره: سنُري هؤلاء المكذّبين، ما أنزلنا على محمد عبدنا من الذكر، آياتنا في الاَفاق. واختلف أهل التأويل في معنى الاَيات التي وعد اللّه هؤلاء القوم أن يريهم، فقال بعضهم: عنى بالاَيات في الاَفاق وقائع النبي صلى اللّه عليه وسلم بنواحي بلد المشركين من أهل مكة وأطرافها، وب قوله: وفِي أنْفُسِهِمْ فتح مكة. ذكر من قال ذلك: ٢٣٦٢٣ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن عمرو بن دينار، عن عمرو بن أبي قيس، عن المنهال، في قوله: سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الاَفاقِ قال: ظهور محمد صلى اللّه عليه وسلم على الناس. ٢٣٦٢٤ـ حدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا أسباط، عن السديّ سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الاَفاقِ يقول: ما نفتح لك يا محمد من الاَفاق وفِي أنْفُسِهِمْ في أهل مكة، يقول: نفتح لك مكة. وقال آخرون: بل عنى بذلك أن يريهم نجوم الليل وقمره، وشمس النهار، وذلك ما وعدهم أنه يريهم في الاَفاق. وقالوا: عنى بالاَفاق: آفاق السماء، وب قوله: وفِي أنْفُسِهِمْ سبيل الغائط والبول. ذكر من قال ذلك: ٢٣٦٢٥ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الاَفاقِ وفِي أنْفُسِهِمْ قال: آفاق السموات: نجومها وشمسها وقمرها اللاتي يجرين، وآيات في أنفسهم أيضاً. وأولى القولين في ذلك بالصواب القول الأوّل، وهو ما قاله السديّ، وذلك أن اللّه عزّ وجلّ وعد نبيه صلى اللّه عليه وسلم أن يُري هؤلاء المشركين الذين كانوا به مكذّبين آيات في الاَفاق، وغير معقول أن يكون تهدّدهم بأن يريهم ما هم راؤوه، بل الواجب أن يكون ذلك وعداً منه لهم أن يريهم ما لم يكونوا رأوه قبل من ظهور نبيّ اللّه صلى اللّه عليه وسلم على أطراف بلدهم وعلى بلدهم، فأما النجوم والشمس والقمر، فقد كانوا يرونها كثيراً قبل وبعد ولا وجه لتهدّدهم بأنه يريهم ذلك. و قوله: حتى يَتَبَيّنَ لَهُمْ أنّهُ الحَقّ يقول جلّ ثناؤه: أُري هؤلاء المشركين وقائعنا بأطرافهم وبهم حتى يعلموا حقيقة ما أنزلنا إلى محمد، وأوحينا إليه من الوعد له بأنا مظهرو ما بعثناه به من الدين على الأديان كلها، ولو كره المشركون. و قوله: أوَ لَمْ يَكْفِ بِرَبّكَ أنّهُ على كُلّ شَيْءٍ شَهِيدٌ يقول تعالى ذكره: أَوَ لم يكف بربك يا محمد أنه شاهد على كل شيء مما يفعله خلقه، لا يعزب عنه علم شيء منه، وهو مجازيهم على أعمالهم، المحسن بالإحسان، والمسيء جزاءه. وفي قوله: أنّهُ وجهان: أحدهما: أن يكون في موضع خفض على وجه تكرير الباء، فيكون معنى الكلام حينئذٍ: أَوَ لم يكف بربك بأنه على كلّ شيء شهيد؟ والاَخر: أن يكون في موضع رفع رفعاً، ب قوله: يكف، فيكون معنى الكلام: أَوَ لم يكف بربك شهادته على كل شيء. |
﴿ ٥٣ ﴾