٢٢القول في تأويل قوله تعالى: {بَلْ قَالُوَاْ إِنّا وَجَدْنَآ آبَآءَنَا عَلَىَ أُمّةٍ وَإِنّا عَلَىَ آثَارِهِم مّهْتَدُونَ }. يقول تعالى ذكره: ما آتينا هؤلاء القائلين: لو شاء الرحمن ما عبدنا هؤلاء الأوثان بالأمر بعبادتها، كتابا من عندنا، ولكنهم قالوا: وجدنا آباءنا الذين كانوا قبلنا يعبدونها، فنحن نعبدها كما كانوا يعبدونها وعنى جل ثناؤه ب قوله: بَلْ وَجَدْنا آباءَنا على أُمّةٍ بل وجدنا آباءنا على دين وملة، وذلك هو عبادتهم الأوثان. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ٢٣٨٠٥ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: على أُمّةٍ: مِلّة. ٢٣٨٠٦ـ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ، قوله: إنّا وَجَدْنا آباءَنا على أُمّةٍ يقول: وجدنا آباءنا على دين. ٢٣٨٠٧ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، قوله: إنّا وَجَدْنا آباءَنا على أُمّةٍ قال: قد قال ذلك مشركو قريش: إنا وجدنا آباءنا على دين. ٢٣٨٠٨ـ حدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا أسباط عن السديّ قالُوا إنّا وَجَدْنا آباءَنا على أُمّةٍ قال: على دين. واختلفت القرّاء في قراءة قوله: على أُمّةٍ فقرأته عامة قرّاء الأمصار على أُمّةٍ بضم الألف بالمعنى الذي وصفت من الدين والملة والسنة. وذُكر عن مجاهد وعمر بن عبد العزيز أنهما قرآه (على إمّةٍ) بكسر الألف. وقد اختُلف في معناها إذا كُسرت ألفها، فكان بعضهم يوجه تأويلها إذا كُسرت على أنها الطريقة وأنها مصدر من قول القائل: أممت القوم فأنا أؤمهم إمّة. وذُكر عن العرب سماعا: ما أحسن عمته وإمته وجلسته إذا كان مصدرا. ووجهه بعضهم إذا كُسرت ألفها إلى أنها الإمة التي بمعنى النعيم والمُلك، كما قال عديّ ابن زيد: ثُمّ بَعْدَ الفَلاحِ وَالمُلْكِ والإمّة وَارَتّهُمْ هُناكَ القُبورُ وقال: أراد إمامة الملك ونعيمه. وقال بعضهم: (الأُمّة بالضم، والإمّة بالكسر بمعنى واحد) . والصواب من القراءة في ذلك الذي لا أستجيز غيره: الضمّ في الألف لإجماع الحجة من قرّاء الأمصار عليه. وأما الذين كسروها فإني لا أراهم قصدوا بكسرها إلاّ معنى الطريقة والمنهاج، على ما ذكرناه قبلُ، لا النعمة والملك، لأنه لا وجه لأن يقال: إنا وجدنا آباءنا على نعمة ونحن لهم متبعون في ذلك، لأن الاتباع إنما يكون في الملل والأديان وما أشبه ذلك لا في الملك والنعمة، لأن الاتباع في الملك ليس بالأمر الذي يصل إليه كلّ من أراده. و قوله: وَإنّا على آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ يقول: وإنا على آثار آبائنا فيما كانوا عليه من دينهم مهتدون، يعني : لهم متبعون على منهاجهم. كما: ٢٣٨٠٩ـ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس وَإنّا على آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ يقول: وإنا على دينهم. ٢٣٨١٠ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة وَإنّا على آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ يقول: وإنا متبعوهم على ذلك. |
﴿ ٢٢ ﴾