٢٣القول فـي تأويـل قوله تعالى: {فَوَرَبّ السّمَآءِ وَالأرْضِ إِنّهُ لَحَقّ مّثْلَ مَآ أَنّكُمْ تَنطِقُونَ }. يقول تعالى ذكره مقسما لخلقه بنفسه: فوربّ السماء والأرض، إن الذي قلت لكم أيها الناس: إن في السماء رزقكم وما توعدون لحقّ، كما حقّ أنكم تنطقون. وقد: ٢٤٩١٢ـ حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا ابن أبي عديّ، عن عوف، عن الحسن، في قوله: فَوَرَبّ السّماءِ والأرْضِ إنّهُ لَحَقّ مِثْلَ ما أنّكُمْ تَنْطِقُونَ قال: بلغني أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (قاتل اللّه أقواما أقسم لهم ربهم بنفسه فلم يصدّقوه) وقال الفرّاء: للجمع بين (ما) و(إنّ) في هذا الموضع وجهان: أحدهما: أن يكون ذلك نظير جمع العرب بين الشيئين من الأسماء والأدوات، كقول الشاعر في الأسماء: مِنَ النّفَرِ اللاّئِي الّذِينَ إذَا هُمُيَهابُ اللّئامُ حَلْقَةَ الباب قَعْقَعُوا فجمع بين اللائي والذين، وأحدهما مجزيء من الاَخر وكقول الاَخر في الأدوات: ما إنْ رأيْتُ وَلا سَمِعْتُ بِهِكالْيَوْمِ طالِيَ أَيْنُقٍ جُرْبِ فجمع بين (ما) وبين (إن) ، وهما جحدان يجزيء أحدهما من الاَخر. وأما الاَخر: فهو لو أن ذلك أفرد بما، لكان خبرا عن أنه حقّ لا كذب، وليس ذلك المعنيّ به. وإنما أُريد به: إنه لحقّ كما حقّ أن الاَدميّ ناطق. ألا ترى أن قولك: أحقّ منطقك، معناه: أحقّ هو أم كذب، وأن قولك أحق أنك تنطق معناه للاستثبات لا لغيره، فأدخلت (أن) ليفرّق بها بين المعنيين، قال: فهذا أعجب الوجهين إليّ. واختلفت القرّاء في قراءة قوله: مِثْلَ ما أنّكُمْ فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والبصرة مِثْلَ ما نصبا بمعنى: إنه لحقّ حقا يقينا كأنهم وجهوها إلى مذهب المصدر. وقد يجوز أن يكون نصبها من أجل أن العرب تنصبها إذا رفعت بها الاسم، فتقول: مثل من عبد اللّه ، وعبد اللّه مثلك، وأنت مثلُه، ومثلَهُ رفعا ونصبا. وقد يجوز أن يكون نصبها على مذهب المصدر، إنه لحقّ كنطقكم. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة، وبعض أهل البصرة رفعا (مِثْلُ ما أنّكُمْ) على وجه النعت للحقّ. والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان مستفيضتان في قرأة الأمصار، متقاربتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب. |
﴿ ٢٣ ﴾