٢٠

و قوله: بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ يقول تعالى ذكره: بينهما حاجز وبعدٌ، لا يُفسد أحدهما صاحبه فيبغي بذلك عليه، وكل شيء كان بين شيئين فهو برزخ عند العرب، وما بين الدنيا والاَخرة برزخ. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:

٢٥٥١٥ـ حدثنا ابن حُمَيد، قال: حدثنا يعقوب، عن جعفر، عن ابن أبزى بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ لا يبغي أحدهما على صاحبه.

٢٥٥١٦ـ قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: حدثنا فطر، عن مجاهد، قوله: بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغيانِ قال: بينهما حاجز من اللّه ، لا يبغي أحدهما على الاَخر.

٢٥٥١٧ـ حدثني عليّ، قال: حدثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ، قوله: بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغيانِ يقول: حاجز.

٢٥٥١٨ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، قوله: بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغيانِ والبرزخ: هذه الجزيرة، هذا اليبَس.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ، قال: البرزخ الذي بينهما: الأرض التي بينهما.

٢٥٥١٩ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا محمد بن مروان، قال: حدثنا أبو العوّام، عن قتادة بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ قال: حُجِز المالح عن العذب، والعذب عن المالح، والماء عن اليبس، واليبس عن الماء، فلا يبغي بعضه على بعض بقوّته ولطفه وقُدرته.

٢٥٥٢٠ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: مَرَجَ البَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ قال: منعهما أن يلتقيا بالبرزخ الذي جعل بينهما من الأرض. قال: والبرزخ بعد الأرض الذي جعل بينهما.

واختلف أهل التأويل في معنى قوله: لا يَبْغِيانِ فقال بعضهم: معنى ذلك: لا يبغي أحدهما على صاحبه. ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُمَيد، قال: حدثنا يعقوب، عن جعفر، عن ابن أبزى لا يَبْغِيانِ: لا يبغي أحدهما على صاحبه.

قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: حدثنا فطر، عن مجاهد، مثله.

حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا محمد بن مروان، قال: حدثنا أبو العوّام، عن قتادة مثله.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: أنهما لا يختلطان. ذكر من قال ذلك:

٢٥٥٢١ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: لا يَبْغِيانِ قال: لا يختلطان.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: لا يبغيان على اليَبَس. ذكر من قال ذلك:

٢٥٥٢٢ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، قوله: لا يَبْغِيانِ على اليبس، وما أخذ أحدهما من صاحبه فهو بغي، فحجز أحدهما عن صاحبه بقدرته ولطفه وجلاله تبارك وتعالى.

وقال آخرون: بل معناه: لا يبغيان أن يلتقيا. ذكر من قال ذلك:

٢٥٥٢٣ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: لا يَبْغِيانِ قال: لا يبغي أحدهما أن يلتقي مع صاحبه.

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن اللّه وصف البحرين اللذين ذكرهما في هذه الاَية أنهما لا يبغيان، ولم يخصص وصفهما في شيء دون شيء، بل عمّ الخبر عنهما بذلك، فالصواب أن يُعَمّ كما عمّ جلّ ثناؤه، فيقال: إنهما لا يبغيان على شيء، ولا يبغي أحدهما على صاحبه، ولا يتجاوزان حدّ اللّه الذي حدّه لهما.

﴿ ٢٠