١٤و قوله: يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أنْصَارَ اللّه اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة: (كُونُوا أنْصَارا للّه) بتنوين الأنصار. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة بإضافة الأنصار إلى اللّه . والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب، ومعنى الكلام: يا أيها الذين صدّقوا اللّه ورسوله، كونوا أنصار اللّه ، كما قال عيسى ابن مريم للحواريين: مَنْ أنْصَاري إلى اللّه ، يعني من أنصاري منكم إلى نصرة اللّه لي. وكان قتادة يقول في ذلك ما: ٢٦٣٤٩ـ حدثني به بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أنْصَارَ اللّه كما قال عيسَى ابنُ مَرْيَمَ للْحَوَارِيّينَ مَنْ أنْصَارِي إلى اللّه قال الْحَوَارِيّونَ نَحْنُ أنْصَارُ اللّه قال: قد كانت للّه أنصار من هذه الأمة تجاهد على كتابه وحقه. وذُكر لنا أنه بايعه ليلة العقبة اثنان وسبعون رجلاً من الأنصار، ذُكر لنا أن بعضهم قال: هل تدرون علام تبايعون هذا الرجل؟ إنكم تبايعون على محاربة العرب كلها أو يُسلموا. وذُكر لنا أن رجلاً قال: يا نبيّ اللّه اشترط لربك ولنفسك ما شئت، قال: أُشْتَرِطُ لربيّ أَنْ تَعبدوه، ولا تُشْرِكُوا به شيئا، وأَشْترطُ لنفسي أن تمنَعوني مما مَنَعْتُم منه أنفسَكُم وأبناءَكم قالوا: فإذا فعلنا ذلك فما لنا يا نبيّ اللّه ؟ قال: (لكم النصر في الدنيا، والجنة في الاَخرة) ، ففعلوا، ففعل اللّه . ٢٦٣٥٠ـ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، قال: تلا قتادة كُونُوا أنْصَارَ اللّه كمَا قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ للْحَوَارِيّينَ مَنْ أنْصَارِي إلى اللّه قال: قد كان ذلك بحمد اللّه ، جاءه سبعون رجلاً، فبايعوه عند العقبة، فنصروه وآوَوْه حتى أظهر اللّه دينه قالوا: ولم يسمّ حيّ من السماء اسما لم يكن لهم قبل ذلك غيرهم. ٢٦٣٥١ـ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة : إن الحواريين كلهم من قريش: أبو بكر، وعمر، وعليّ، وحمزة، وجعفر، وأبو عُبيدة، وعثمان بن مظعون، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وعثمان، وطلحة بن عبيد اللّه ، والزبير بن العوّام. ٢٦٣٥٢ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول اللّه : مَنْ أنْصَارِي إلى اللّه قال: من يتبعني إلى اللّه . ٢٦٣٥٣ـ حدثنا ابن حُمَيد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، عن ميسرة، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جُبَير، قال: سئل ابن عباس عن الحواريين، قال: سُمّوا لبياض ثيابهم كانوا صيادي السمك. ٢٦٣٥٤ـ حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: الحواريون: هم الغسالون بالنبطية يقال للغسال: حوارى، وقد تقدم بياننا في معنى الحوارى بشواهده واختلاف المختلفين فيه قبل فيما مضى، فأغنى عن إعادته. و قوله: قالَ الْحَوَارِيّونَ نَحْنُ أنْصَارُ اللّه يقول: قالوا: نحن أنصار اللّه على ما بعث به أنبياءه من الحقّ. و قوله: فآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ وكَفَرَتْ طائِفَةٌ يقول جلّ ثناؤه: فآمنت طائفة من بني إسرائيل بعيسى، وكفرت طائفة منهم به. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ٢٦٣٥٥ـ حدثني أبو السائب، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جُبير، عن ا بن عباس ، قال: لما أراد اللّه أن يرفع عيسى إلى السماء خرج إلى أصحابه وهم في بيت اثنا عشر رجلاً من عين في البيت ورأسه يقطر ماء قال: فقال: إن منكم من سيكفر بي اثنتي عشرة مرّة بعد أن آمن بي قال: ثم قال: أيكم يلقى عليه شبهي فيقتل مكاني، ويكون معي في درجتي؟ قال: فقام شاب من أحدثهم سنا، قال: فقال أنا، فقال له: اجلس ثم أعاد عليهم، فقام الشاب، فقال أنا قال: نعم أنت ذاك فأُلقى عليه شبه عيسى، ورفع عيسى من رَوْزَنة في البيت إلى السماء قال: وجاء الطلب من اليهود، وأخذوا شبهه. فقتلوه وصلبوه، وكفر به بعضهم اثنتي عشرة مرّة بعد أن آمن به، فتفرّقوا ثلاث فرق، فقالت فرقة: كان اللّه فينا ما شاء، ثم صعد إلى السماء، وهؤلاء اليعقوبية. وقالت فرقة: كان فينا ابن اللّه ما شاء اللّه ، ثم رفعه إليه، وهؤلاء النسطورية. وقالت فرقة. كان فينا عبد اللّه ورسوله ما شاء اللّه ، ثم رفعه اللّه إليه، وهؤلاء المسلمون، فتظاهرت الطائفتان الكافرتان على المسلمة، فقتلوها، فلم يزل الإسلام طامسا حتى بعث اللّه محمدا صلى اللّه عليه وسلم ، فآمنت طائفة من بني إسرائيل، وكفرت طائفة، يعني الطائفة التي كفرت من بني إسرائيل في زمن عيسى، والطائفة التي آمنت في زمن عيسى، فأيدنا الذين آمنوا على عدوّهم، فأصبحوا ظاهرين في إظهار محمد على دينهم دين الكفار، فأصبحوا ظاهرين. و قوله: فأيّدْنا الّذِينَ آمَنُوا على عَدُوّهِمْ يقول: فقوّينا الذين آمنوا من الطائفتين من بني إسرائيل على عدوّهم، الذي كفروا منهم بمحمد صلى اللّه عليه وسلم لتصديقه إياهم، أن عيسى عبد اللّه ورسوله، وتكذيبه من قال هو إله، ومن قال: هو ابن اللّه تعالى ذكره، فأصبحوا ظاهرين، فأصبحت الطائفة المؤمنون ظاهرين على عدوّهم الكافرين منهم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ٢٦٣٥٦ـ حدثني محمد بن عبد اللّه الهلالي، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد فأيّدْنا الّذِينَ آمَنُوا على عَدُوّهِمْ قال: قوّينا. ٢٦٣٥٧ـ حدثنا ابن حُمَيد، قال: حدثنا جرير، عن مغيرة، عن سماك، عن إبراهيم فآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ وكَفَرَتْ طائِفَةٌ قال: لما بعث اللّه محمدا، ونزل تصديق من آمن بعيسى، أصبحت حجة من آمن به ظاهرة. ٢٦٣٥٨ـ قال: ثنا جرير، عن مغيرة، عن سماك، عن إبراهيم، في قوله فأيّدْنا الّذِينَ آمَنُوا على عَدُوّهِمْ فأصْبَحُوا ظاهِرِينَ قال: أيدوا بمحمد صلى اللّه عليه وسلم ، فصدّقهم، وأخبر بحجتهم. حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم، في قوله: فأصْبَحُوا ظاهِرِينَ قال: أصبحت حجة من آمن بعيسى ظاهرة بتصديق محمد صلى اللّه عليه وسلم كلمة اللّه وروحه. ٢٦٣٥٩ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: فأصْبَحُوا ظاهِرِينَ من آمن مع عيسى صلى اللّه عليه وسلم . |
﴿ ١٤ ﴾