١١

القول فـي تأويـل قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضّوَاْ إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِماً ...}.

يقول تعالى ذكره: وإذا رأى المؤمنون عير تجارة أو لهوا انْفَضّوا إلَيْها يعني أسرعوا إلى التجارة وَتَركُوكَ قائما يقول للنبيّ صلى اللّه عليه وسلم : وتركوك يا محمد قائما على المنبر وذلك أن التجارة التي رأوها فانفضّ القوم إليها، وتركوا النبي صلى اللّه عليه وسلم قائما كانت زيتا قدم به دحية بن خليفة من الشام. ذكر من قال ذلك:

٢٦٤٠٣ـ حدثنا ابن حُمَيد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، عن إسماعيل السديّ، عن أبي مالك، قال: قدم دحية بن خليفة بتجارة زيت من الشام، والنبي صلى اللّه عليه وسلم يخطب يوم الجمعة، فلما رأوه قاموا إليه بالبقيع خشوا أن يسبقوا إليه، قال: فنزلت وَإذَا رَأَوْا تِجارَةً أوْ لَهْوا انْفَضّوا إلَيْها وَتَرَكُوكَ قائما.

٢٦٤٠٤ـ حدثنا أبو كُرَيب، قال: حدثنا ابن يمان، قال: حدثنا سفيان، عن السديّ، عن قرة إذَا نُودِيَ للصّلاةِ مِنْ يَوْمِ الجُمُعَةِ قال: جاء دحية الكلبي بتجارة والنبي صلى اللّه عليه وسلم قائم في الصلاة يوم الجمعة، فتركوا النبي صلى اللّه عليه وسلم وخرجوا إليه، فنزلت وَإذَا رَأَوْا تِجارَةً أوْ لَهْوا انْفَضّوا إلَيْها وَتَرَكُوكَ قائما حتى ختم السورة.

٢٦٤٠٥ـ حدثني أبو حصين عبد اللّه بن أحمد بن يونس، قال: حدثنا عبثر، قال: حدثنا حصين، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر بن عبد اللّه ، قال: كنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في الجمعة، فمرّت عير تحمل الطعام، قال: فخرج الناس إلا اثني عشر رجلاً، فنزلت آية الجمعة.

 

٢٦٤٠٦ـ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، قال: قال الحسن: إن أهل المدينة أصابهم جوع وغلاء سعر، فقدمت عير والنبي صلى اللّه عليه وسلم يخطب يوم الجمعة، فسمعوا بها، فخرجوا والنبي صلى اللّه عليه وسلم قائم، كما قال اللّه عزّ وجلّ.

٢٦٤٠٧ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله وَإذَا رَأَوْا تِجارَةً أوْ لَهْوا انْفَضّوا إلَيْها وَتَرَكُوكَ قائما قال: جاءت تجارة فانصرفوا إليها، وتركوا النبي صلى اللّه عليه وسلم قائما وإذا رأوا لهوا ولعبا قُلْ ما عِنْدَ اللّه خَيْرٌ مِنَ اللّه وِ وَمِنَ التّجارَةِ وَاللّه خَيْرُ الرازِقينَ.

٢٦٤٠٨ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: وإذَا رَأَوْا تجارَةً أوْ لَهْوا انْفَضّوا إلَيْها قال: رجال كانوا يقومون إلى نواضحهم وإلى السفر يبتغون التجارة.

٢٦٤٠٩ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة : بينما رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يخطب الناس يوم الجمعة، فجعلوا يتسللون ويقومون حتى بقيت منهم عصابة، فقال: كم أنتم؟ فعدّوا أنفسهم فإذا اثنا عشر رجلاً وامرأة ثم قام في الجمعة الثانية فجعل يخطبهم قال سفيان: ولا أعلم إلا أن في حديثه ويعظهم ويذكرهم، فجعلوا يتسللون ويقومون حتى بقيت عصابة، فقال: كم أنتم، فعدّوا أنفسهم، فإذا اثنا عشر رجلاً وامرأة ثم قام في الجمعة الثالثة فجعلوا يتسللون ويقومون حتى بقيت منهم عصابة، فقال كم أنتم؟ فعدّوا أنفسهم، فإذا اثنا عشر رجلاً وامرأة، فقال: (وَالّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوِ اتّبَعَ آخِرُكمْ أوّلكمْ لالْتَهَبَ عَلَيْكُمُ الوَادي نارا) وأنزل اللّه عزّ وجلّ: (وَإذَا رَأَوْا تِجارَةً أوْ لَهْوا انْفَضّوا إلَيْها وَتَركُوكَ قائما) .

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ، في قوله انْفَضوا إلَيْها وَتَركُوكَ قَائما قال: لو اتبع آخرهم أوّلهم لالتهب عليهم الوادي نارا.

قال: ثنا ابن ثور، قال معمر، قال قتادة : لم يبق مع النبي صلى اللّه عليه وسلم يومئذ إلا اثنا عشر رجلاً وامرأة معهم.

حدثنا محمد بن عمارة الرازي، قال: حدثنا محمد بن الصباح، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا حصين، عن سالم وأبي سفيان، عن جابر، في قوله وَتَرَكُوكَ قائما قال: قدمت عير فانفضّوا إليها، ولم يبق مع النبي صلى اللّه عليه وسلم إلا اثنا عشر رجلا.

حدثنا عمرو بن عبد الحميد الاَمُلى، قال: حدثنا جرير، عن حصين، عن سالم، عن جابر أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان يخطب قائما يوم الجمعة، فجاءت عير من الشام، فانفتل الناس إليها حتى لم يبق إلا اثنا عشر رجلاً، قال: فنزلت هذه الاَية في الجمعة وَإذَا رَأَوْا تِجارَةَ أوْ لَهْوا انْفَضّوا إلَيْها وَتَركُوكَ قائما.

وأما اللّه و، فإنه اختُلف من أيّ أجناس اللّه و كان، فقال بعضهم: كان كَبَرا ومزامير. ذكر من قال ذلك:

٢٦٤١٠ـ حدثنا محمد بن سهل بن عسكر، قال: حدثنا يحيى بن صالح، قال: حدثنا سليمان بن بلال، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد اللّه ، قال: كان الجواري إذا نكحوا كانوا يمرّون بالكبر والمزامير ويتركون النبي صلى اللّه عليه وسلم قائما على المنبر، وينفضون إليها، فأنزل اللّه وَإذَا رَأَوْا تِجارَةَ أوْ لَهْوا انْفَضّوا إلَيْها.

وقال آخرون: كان طبلاً. ذكر من قال ذلك:

٢٦٤١١ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: اللّه و: الطبل.

حدثني الحارث، قال: حدثنا الأشيب، قال: حدثنا ورقاء، قال: ذكر عبد اللّه بن أبي نجيح، عن إبراهيم بن أبي بكير، عن مجاهد أن اللّه و: هو الطبل.

والذي هو أولى بالصواب في ذلك الخبر الذي رويناه عن جابر، لأنه قد أدرك أمر القوم ومشاهدهم.

و قوله: قُلْ ما عِنْدَ اللّه خَيْرٌ مِنَ اللّه وِ وَمِنَ التّجارَةِ يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى اللّه عليه وسلم : قل لهم يا محمد الذي عند اللّه من الثواب، لمن جلس مستمعا خطبة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وموعظته يوم الجمعة إلى أن يفرغ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم منها، خير له من اللّه و ومن التجارة التي ينفضون إليها وَاللّه خَيْرُ الرازِقِينَ يقول: واللّه خير رازق، فإليه فارغبوا في طلب أرزاقكم، وإياه فأسألوا أن يوسع عليكم من فضله دون غيره.

﴿ ١١