١٤القول فـي تأويـل قوله تعالى: {يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُوَاْ إِنّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ ...}. يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين صدّقوا اللّه ورسوله إن مِنْ أزْوَاجِكُمْ وأوْلادِكُمْ عَدُوّا لكُمْ يَصدّونكم عن سبيل اللّه ، ويثبطونكم عن طاعة اللّه فاحْذَرُوهُمْ أن تقبلوا منهم ما يأمرونكم به من ترك طاعة اللّه . وذُكر أن هذه الاَية نزلت في قوم كانوا أرادوا الإسلام والهجرة، فثّبطهم عن ذلك أزواجهم وأولادهم. ذكر من قال ذلك: ٢٦٤٥٢ـ حدثنا أبو كُرَيب، قال: حدثنا يحيى بن آدم وعبيد اللّه بن موسى، عن إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس ، قال: سأله رجل عن هذه الاَية يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا إنّ مِنْ أزْوَاجِكُمْ وأوْلادِكُم عَدُوّا لَكُمْ فاحْذَرُوهُمْ قال: هؤلاء رجال أسلموا، فأرادوا أن يأتوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فأبى أزواجهم وأولادهم أن يدعوهم يأتوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فلما أتَوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فرأوا الناس قد فقهوا في الدين، هموا أن يعاقبوهم، فأنزل اللّه جل ثناؤه يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا إنّ مِنْ أزْوَاجِكُمْ وأوْلادِكُم... الاَية. ٢٦٤٥٣ـ حدثنا هناد بن السريّ، قال: حدثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرمة، في قوله يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا إنّ مِنْ أزْوَاجِكُمْ وأوْلادِكُم عَدُوّا لَكُمْ فاحْذَرُوهُمْ قال: كان الرجل يريد أن يأتي النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فيقول له أهله: أين تذهب وتدعنا؟ قال: وإذا أسلم وفَقِه، قال: لأرجعنّ إلى الذين كانوا ينهون عن هذا الأمر فلأفعلنّ ولأفعلنّ، فأنزل اللّه جلّ ثناؤه: وَإنْ تَعْفُوا وتَصْفَحُوا وتَغْفِرُوا فإن اللّه غَفُورٌ رَحِيمٌ. حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ، قوله يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا إنّ مِنْ أزْوَاجِكُمْ وأوْلادِكُم عَدُوّا لَكُمْ فاحْذَرُوهُمْ كان الرجل إذا أراد أن يهاجر من مكة إلى المدينة تمنعه زوجته وولده، ولم يألُوا يثبطوه عن ذلك، فقال اللّه : إنهم عدوّ لكم فاحذروهم واسمعوا وأطيعوا، وامضُوا لشأنكم، فكان الرجل بعد ذلك إذا مُنِع وثُبط مرّ بأهله وأقسم، والقسم يمين ليفعلنّ وليعاقبنّ أهله في ذلك، فقال اللّه جل ثناؤه وَإنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وتَغْفِرُوا فإن اللّه غَفُورٌ رَحِيمٌ. ٢٦٤٥٤ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: ثني محمد بن إسحاق، عن بعض أصحابه، عن عطاء بن يسار قال: نزلت سورة التغابن كلها بمكة، إلا هؤلاء الاَيات يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا إنّ مِنْ أزْوَاجِكُمْ وأوْلادِكُم عَدُوّا لَكُمْ فاحْذَرُوهُمْ نزلت في عوف بن مالك الأشجعيّ، كان ذا أهل وولد، فكان إذا أراد الغزو بكوا إليه ورقّقوه، فقالوا: إلى من تَدعنا؟ فيرقّ ويقيم، فنزلت: يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا إنّ مِنْ أزْوَاجِكُمْ وأوْلادِكُم عَدُوّا لَكُمْ فاحْذَرُوهُمْ. الاَية كلها بالمدينة في عوف بن مالك وبقية الاَيات إلى آخر السورة بالمدينة. ٢٦٤٥٥ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله إنّ مِنْ أزْوَاجِكُمْ وأوْلادِكُم عَدُوّا لَكُمْ فاحْذَرُوهُمْ قال: إنهما يحملانه على قطيعة رحمه، وعلى معصية ربه، فلا يستطيع مع حبه إلا أن يقطعه. حدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله، إلا أنه قال: فلا يستطيع مع حبه إلا أن يطيعه. ٢٦٤٥٦ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، قوله: يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا إنّ مِنْ أزْوَاجِكُمْ وأوْلادِكُم عَدُوّا لَكُمْ فاحْذَرُوهُمْ... الاَية، قال: منهم من لا يأمر بطاعة اللّه ، ولا ينهى عن معصيته، وكانوا يبطّئون عن الهجرة إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وعن الجهاد. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ، في قوله إنّ مِنْ أزْوَاجِكُمْ وأوْلادِكُم عَدُوّا لَكُمْ فاحْذَرُوهُمْ قال: ينهون عن الإسلام، ويُبَطّئُون عنه، وهم من الكفار فاحذروهم. ٢٦٤٥٧ـ حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا إنّ مِنْ أزْوَاجِكُمْ وأوْلادِكُم عَدُوّا لَكُمْ فاحْذَرُوهُمْ... الاَية، قال: هذا في أناس من قبائل العرب كان يسلم الرجل أو النفر من الحيّ، فيخرجون من عشائرهم ويدعون أزواجهم وأولادهم وآباءهم عامدين إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فتقوم عشائرهم وأزواجهم وأولادهم وآباؤهم، فيناشدونهم اللّه أن لا يفارقوهم، ولا يؤثروا عليهم غيرهم، فمنهم من يَرِقّ ويرجع إليهم، ومنهم من يمضي حتى يلحق بنبيّ اللّه صلى اللّه عليه وسلم . ٢٦٤٥٨ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن ناجية وزيد بن حباب، قالا: حدثنا يحيى بن واضح، جميعا عن الحسين بن واقد، قال: ثني عبد اللّه بن بريدة، عن أبيه، قال: رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يخطب، فجاء الحسن والحسين رضي اللّه عنهما عليهما قميصان أحمران يعثران ويقومان، فنزل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فأخذهما فرفعهما فوضعهما في حِجْره ثم قال: (صَدَقَ اللّه وَرَسُولُهُ: إنّما أمْوَالُكُمْ وأوْلادُكُمْ فِتْنَةً رأيْتُ هَذَيْنِ فَلَمْ أصْبِرْ) ثم أخذ في خطبته اللفظ لأبي كريب عن زيد. ٢٦٤٥٩ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: إنّ مِنْ أزْوَاجِكُمْ وأوْلادِكُمْ عَدُوّا لَكُمْ قال: يقول: عدوّا لكم في دينكم، فاحذروهم على دينكم. ٢٦٤٦٠ـ حدثني محمد بن عمرو بن عليّ المقدميّ، قال: حدثنا أشعث بن عبد اللّه ، قال: حدثنا شعبة، عن إسماعيل بن أبي خالد، في قوله: إنّ مِنْ أزْوَاجِكُمْ وأوْلادِكُمْ عَدُوّا لَكُمْ فاحْذَرُوهُمْ قال: كان الرجل يسلم، فيلومه أهله وبنوه، فنزلت: إنّ مِنْ أزْوَاجِكُمْ وأوْلادِكُمْ عَدُوّا لَكُمْ. و قوله: وَإنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا يقول: وإن تعفوا أيها المؤمنون عما سلف منهم من صدّهم إياكم عن الإسلام والهجرة وتصفحوا لهم عن عقوبتكم إياهم على ذلك، وتغفروا لهم غير ذلك من الذنوب فإنّ اللّه غَفُورٌ رَحِيمٌ لكم لمن تاب من عباده، من ذنوبكم رحيمٌ بكم أن يعاقبكم عليها من بعد توبتكم منها. |
﴿ ١٤ ﴾