١٢

القول فـي تأويـل قوله تعالى: {اللّه الّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأرْضِ مِثْلَهُنّ...}.

يقول تعالى ذكره: اللّه الّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ لا ما يعبده المشركون من الاَلهة والأوثان التي لا تقدر على خلق شيء.

و قوله: وَمِنَ الأرْضِ مِثْلَهُنّ يقول: وخلق من الأرض مثلهنّ لما في كلّ واحدة منهنّ مثل ما في السموات من الخلق. ذكر من قال ذلك:

٢٦٥٩٥ـ حدثني عمرو بن علي ومحمد بن المثنى، قالا: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرّة، عن أبي الضحى، عن ابن عباس ، قال في هذه الاَية: اللّه الّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الأرْضِ مِثْلَهُنّ قال عمرو: قال: في كل أرض مثل إبراهيم ونحو ما على الأرض من الخلق. وقال ابن المثنى: في كلّ سماء إبراهيم.

٢٦٥٩٦ـ حدثنا عمرو بن عليّ، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا الأعمش، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد، عن ابن عباس ، في قوله سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الأرْضِ مِثْلَهُنّ قال: لو حدثتكم بتفسيرها لكفرتم وكفركم تكذيبكم بها.

٢٦٥٩٧ـ حدثنا أبو كُريب، قال: حدثنا أبو بكر، عن عاصم، عن زِرّ، عن عبد اللّه ، قال: خلق اللّه سبع سموات غلظ كلّ واحدة مسيرة خمس مئة عام، وبين كلّ واحدة منهنّ خمس مئة عام، وفوق السبع السموات الماء، واللّه جل ثناؤه فوق الماء، لا يخفى عليه شيء من أعمال بني آدم. والأرض سبع، بين كل أرضين خمس مئة عام، وغلظ كلّ أرض خمس مئة عام.

حدثنا ابن حُمَيد، قال: حدثنا يعقوب بن عبد اللّه بن سعد القُمى الأشعري، عن جعفر بن أبي المُغيرة الخزاعي، عن سعيد بن جبير، قال: قال رجل لابن عباس اللّه الّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الأرْضِ مِثْلَهُنّ... الاَية، فقال ابن عباس : ما يؤمنك أن أخبرك بها فتكفر.

٢٦٥٩٨ـ قال: ثنا عباس ، عن عنبسة، عن ليث، عن مجاهد، قال: هذه الأرض إلى تلك مثل الفسطاط ضربته في فلاة، وهذه السماء إلى تلك السماء، مثل حلقة رميت بها في أرض فلاة.

٢٦٥٩٩ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا حكام، عن أبي جعفر، عن الربيع بن أنس، قال: السماء أوّلها موج مكفوف والثانية صخرة والثالثة حديد والرابعة نحاس والخامسة فضة والسادسة ذهب، والسابعة ياقوتة.

٢٦٦٠٠ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: حدثنا جرير بن حازم، قال: ثني محمد بن قيس، عن مجاهد، قال: هذا البيت الكعبة رابع أربعة عشر بيتا في كل سماء بيت، كل بيت منها حذو صاحبه، لو وقع وقع عليه، وإن هذا الحرم حرمي بناؤه من السموات السبع والأرضين السبع.

٢٦٦٠١ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، قوله: اللّه الذّي خَلَق سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمن الأرض مِثْلَهُنّ خلق سبع سموات وسبع أرضين في كلّ سماء من سمائه، وأرض من أرضه، خلق من خلقه وأمر من أمره، وقضاء من قضائه.

٢٦٦٠٢ـ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة قال: بينا النبي صلى اللّه عليه وسلم جالس مرّة مع أصحابه، إذا مرّت سحابة،

قال النبي صلى اللّه عليه وسلم أتَدْرُون ما هَذَا هَذِهِ العَنانُ، هَذِهِ رَوَايا الأرْضِ يَسُوقُها اللّه إلى قَوْم لا يَعْبُدُونَه

قال: أتَدْرُونَ ما هَذِهِ السّماءُ؟ قالوا: اللّه ورسوله أعلم،

قال: هذه السّماءُ مَوْجٌ مَكْفُوفٌ، وَسَقْفٌ مَحْفُوظٌ

ثم قال: أتَدْرُون ما فَوْقَ ذلكَ؟ قالوا: اللّه ورسوله أعلم،

قال: فَوْقَ ذلكَ سَماءٌ أُخْرَى، حتى عدّ سبع سموات وهو يقول: أتَدْرُونَ ما بَيْنَهُما خَمْس مئَة سَنَة

ثُم قال: أتَدْرُونَ ما فَوْقَ ذلكَ؟ قالوا: اللّه ورسوله أعلم،

قال: فَوْقَ ذلكَ العَرْشُ، قال: أتَدْرُونَ ما بَيْنَهُما؟ قالوا: اللّه ورسوله أعلم قال: بَيْنَهُما خَمْسُ مِئَةِ سَنَة

ثم قال: أتدرون ما هَذِهِ الأرْضُ؟ قالوا: اللّه ورسوله أعلم،

قال: تَحْتَ ذلكَ أرْضٌ،

قال: أتَدْرُونَ كَمْ بَيْنَهُما؟ قالوا: اللّه ورسوله أعلم.

قال: بَيْنَهُما مَسِيرَةُ خَمْسِ مِئَةِ سَنَةٍ، حتى عدّ سبع أرضين،

ثم قال: وَالّذِي نَفْسِي بيَدِهِ لَوْ دُلّيَ رَجُلٌ يِحَبْلٍ حتى يَبْلُغَ أسْفَلَ الأرضِينَ السّابِعَةِ لَهَبَطَ على اللّه ثم قال: هُوَ الأوّلُ والاَخِرُ والظّاهِرُ والباطِنُ وَهُوَ بِكُلّ شَيْء عَلِيمٌ.

٢٦٦٠٣ـ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ، قال: التقى أربعة من الملائكة بين السماء والأرض،

فقال بعضهم لبعض: من أين جئت؟

قال أحدهم: أرْسلني ربي من السماء السابعة، وتركته

ثم قال الاَخر: أرسلني ربي من الأرض السابعة وتركته

ثم قال الاَخر: أرسلني ربي من المشرق وتركته

ثم قال الاَخر: أرسلني ربي من المغرب وتركته

ثمّ.

و قوله: يَتَنَزّلُ الأمْرُ بَيْنَهُنّ يقول تعالى ذكره: يتنزّل أمر اللّه بين السماء السابعة والأرض السابعة، كما:

٢٦٦٠٤ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: يَتَنَزّلُ الأمْرُ بَيْنَهُنّ قال: بين الأرض السابعة إلى السماء السابعة.

و قوله: لِتَعْلَمُوا أنّ اللّه على كُلّ شَيْء قَدِيرٌ يقول تعالى ذكره: ينزل قضاء اللّه وأمره بين ذلك كي تعلموا أيها الناس كنه قدرته وسلطانه، وأنه لا يتعذّر عليه شيء أراده، ولا يمتنع عليه أمر شاءه، ولكنه على ما يشاء قدير وأنّ اللّه قَدْ أحاطَ بِكُلّ شَيْء عِلْما

يقول جلّ ثناؤه: ولتعلموا أيها الناس أن اللّه بكل شيء من خلقه محيط علما، لا يعزُب عنه مثقالُ ذرّة في الأرض ولا في السماء، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر.

يقول جلّ ثناؤه: فخافوا أيها الناس المخالفون أمر ربكم عقوبته، فإنه لا يمنعه من عقوبتكم مانع، وهو على ذلك قادر، ومحيط أيضا بأعمالكم، فلا يخفي عليه منها خاف، وهو محصيها عليكم، ليجازيكم بها. يوم تجزى كلّ نفس ما كسبت.

﴿ ١٢