٢

قوله: وَلا أُقْسِمُ بالنّفْس اللّوّامَةِ إلا أن تأتي حجة تدلّ على أن أحدهما قسم والاَخر خبر. وقد دللنا على أن قراءة من قرأ الحرف الأوّل لأقسم بوصل اللام بأقسم قراءة غير جائزة بخلافها ما عليه الحجة مجمعة، فتأويل الكلام إذا: لا ما الأمر كما تقولون أيها الناس من أن اللّه لا يبعث عباده بعد مماتهم أحياء، أقسم بيوم القيامة. وكانت جماعة تقول: قيامة كل نفس موتها. ذكر من قال ذلك:

٢٧٤٧٨ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان ومسعر، عن زياد بن علاقة، عن المغيرة بن شعبة، قال: يقولون: القيامة القيامة، وإنما قيامة أحدهم: موته.

٢٧٤٧٩ـ قال: ثنا وكيع، عن مسعر وسفيان، عن أبي قبيس، قال: شهدت جنازة فيها علقمة، فلما دفن قال: أما هذا فقد قامت قيامته.

و قوله: وَلا أُقْسِمُ بالنّفْسِ اللّوّامَةِ اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: اللّوّامَةِ فقال بعضهم: معناه: ولا أقسم بالنفس التي تلوم على الخير والشرّ. ذكر من قال ذلك:

٢٧٤٨٠ـ حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا مؤمل، قال: حدثنا سفيان، عن ابن جريج، عن الحسن بن مسلم، عن سعيد بن جبير، في قوله: وَلا أُقْسِمُ بالنّفْسِ اللّوّامَةِ قال: تلوم على الخير والشرّ.

٢٧٤٨١ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن سِماك، عن عكرِمة وَلا أُقْسِمُ بالنّفْسِ اللّوّامَةِ قال: تلوم على الخير والشرّ.

٢٧٤٨٢ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن مغيرة، عن أبي الخير بن تميم، عن سعيد بن جُبير، قال: قلت لابن عباس وَلا أُقْسِمُ بالنّفْسِ اللّوّامَةِ قال: هي النفس اللّؤوم.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: أنها تلوم على ما فات وتندم. ذكر من قال ذلك:

٢٧٤٨٣ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: بالنّفْسِ اللّوّامَةِ قال: تندم على ما فات وتلوم عليه.

وقال آخرون: بل اللوّامة: الفاجرة. ذكر من قال ذلك:

٢٧٤٨٤ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة وَلا أُقْسِمُ بالنّفْسِ اللّوّامَةِ: أي الفاجرة.

وقال آخرون: بل هي المذمومة. ذكر من قال ذلك:

٢٧٤٨٥ـ حدثني عليّ، قال: حدثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ، في قوله: وَلا أُقْسِمُ بالنّفْسِ اللّوّامَةِ يقول: المذمومة.

وهذه الأقوال التي ذكرناها عمن ذكرناها عنه وإن اختلفت بها ألفاظ قائليها، فمتقاربات المعاني، وأشبه القول في ذلك بظاهر التنزيل أنها تلوم صاحبها على الخير والشرّ، وتندم على ما فات، والقرّاء كلهم مجمعون على قراءة هذه بفصل (لا) من أقسم.

﴿ ٢