١٤

و قوله: بَل الإنْسانُ على نَفْسِه بَصِيرَةٌ يقول تعالى ذكره: بل للإنسان على نفسه من نفسه رقباء يرقبونه بعمله، ويشهدون عليه به. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:

٢٧٥٣٣ـ حدثني عليّ، قال: حدثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ، قوله: بَلِ الإنْسانُ على نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ يقول: سمعه وبصره ويداه ورجلاه وجوارحه.

والبصيرة على هذا التأويل ما ذكره ابن عباس من جوارح ابن آدم وهي مرفوعة بقوله عَلى نَفْسِهِ، والإنسان مرفوع بالعائد من ذكره في قوله: نفسه.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: بل الإنسان شاهد على نفسه وحده ومن قال هذا القول جعل البصيرة خبرا للإنسان، ورفع الإنسان بها. ذكر من قال ذلك:

٢٧٥٣٤ـ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس بَلِ الإنْسانُ على نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ يقول: الإنسان شاهد على نفسه وحده.

٢٧٥٣٥ـ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ، قوله: بَلِ الإنْسانُ على نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ قال: شاهد عليها بعملها.

٢٧٥٣٦ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، قوله بَلِ الإنْسانُ على نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ إذا شئت واللّه رأيته بصيرا بعيوب الناس وذنوبهم، غافلاً عن ذنوبه قال: وكان يقال: إن في الإنجيل مكتوبا: يا ابن آدم تبصر القذاة في عين أخيك، ولا تبصر الجذع المعترض في عينك.

٢٧٥٣٧ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: بَلِ الإنْسانُ على نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ قال: هو شاهد على نفسه، وقرأ: اقْرأْ كِتابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبا.

ومن قال هذه المقالة يقول: أدخلت الهاء في قوله بَصِيرَةٌ وهي خبر للإنسان، كما يقال للرجل: أنت حجة على نفسك، وهذا قول بعض نحويي البصرة. وكان بعضهم يقول: أدخلت هذه الهاء في بصيرة وهي صفة للذكر، كما أدخلت في راوية وعلامة.

﴿ ١٤