٨

و قوله: وَإذَا المَوْءُودةُ سُئِلَتْ بأيّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ؟: اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأه أبو الضّحى مسلم بن صبيح: (وَإذَا المَوْءُودَةُ سأَلَتْ بأيّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) ؟ بمعنى: سألت الموءودة الوائدين: بأيّ ذنب قتلوها. ذكر الرواية بذلك:

٢٨٢٠١ـ حدثني أبو السائب، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مسلم، في قوله: وَإذَا المَوْءُودَةُ سُئِلَتْ؟ قال: طلبت بدمائها.

حدثنا سوّار بن عبد اللّه العنبري، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن الأعمش، قال: قال أبو الضحى: (وَإذَا المَوْءُودَةُ سأَلَتْ) ؟ قال: سألت قتلتها.

ولو قرأ قارىء ممن قرأ (سأَلَتْ بِأيّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) كان له وجه، وكان يكون معنى ذلك معنى من قرأ بِأيّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ غير أنه إذا كان حكاية جاز فيه الوجهان، كما يقال: قال عبد اللّه بأيّ ذنب ضُرب كما قال عَنترة:

الشّاتِمَيْ عِرْضِي ولم أشْتُمْهُماوالنّاذِرَيْن إذَا لَقِيتُهُما دَمي

وذلك أنهما كانا يقولان: إذا لقينا عنترة لنقتلنّه. فحكى عنترة قولهما في شعره وكذلك قول الاَخر:

رَجُلانِ مِنْ ضَبّةَ أخْبَرَاناإنّا رأيْنا رَجُلاً عُرْيانا

بمعنى: أخبرانا أنهما، ولكنه جرى الكلام على مذهب الحكاية. وقرأ ذلك بعض عامة قرّاء الأمصار: وإذَا المَوْءدَةُ سُئِلَتْ بِأيّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ بمعنى: سُئلت الموءودة بأيّ ذنب قُتلت، ومعنى قُتلت: قتلت، غير أن ذلك ردّ إلى الخبر على وجه الحكاية على نحو القول الماضي قبل، وقد يتوجه معنى ذلك إلى أن يكون: وإذا الموءودة سئلت قَتَلتُها ووائدوها، بأيّ ذنب قتلوها؟ ثم ردّ ذلك إلى ما لم يسمّ فاعله، ف

قيل: بأيّ ذنب قُتِلَت.

وأولى القراءتين في ذلك عندنا بالصواب: قراءة من قرأ ذلك سُئِلَتْ بضم السين بِأيّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ على وجه الخبر، لإجماع الحجة من القرّاء عليه. والموءودة: المدفونة حية، وكذلك كانت العرب تفعل ببناتها ومنه قول الفرزدق بن غالب:

ومِنّا الّذي أحْيا الوَئِيدَ وَغائِبٌوعَمْرٌو، ومنّا حامِلونَ وَدافِعُ

يقال: وأده فهو يئده وأدا، ووأدة. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:

٢٨٢٠٢ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة وَإذَا المَوْءُودَةُ سُئِلَتْ: هي في بعض القراءات: (سأَلَتْ بأيّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ؟) لا بذنب، كان أهل الجاهلية يقتل أحدهم ابنته، ويغذو كلبه، فعاب اللّه ذلك عليهم.

٢٨٢٠٣ـ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ، قال: جاء قيس بن عاصم التميميّ إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال: إني وَأَدت ثماني بنات في الجاهلية، قال: (فأعْتِقْ عَنْ كُلّ وَاحِدَةٍ بَدَنَةً) .

٢٨٢٠٤ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، عن أبيه، عن أبي يَعلى، عن الربيع بن خيثم وَإذَا المَوْءُودَةُ سُئِلَتْ قال: كانت العرب من أفعل الناس لذلك.

حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن أبيه، عن أبي يعَلى، عن ربيع بن خيثم بمثله.

﴿ ٨