تفسير الطبري : جامع البيان عن تأويل آي القرآن

للإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري

إمام المفسرين المجتهد (ت ٣١٠ هـ ٩٢٣ م)

_________________________________

سورة البروج

سورة البروج مكيّة وآياتها ثنتان وعشرون

بسم اللّه الرحمَن الرحيـم

١

القول فـي تأويـل قوله تعالى: {وَالسّمَآءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ}.

قال أبو جعفر رحمه اللّه : قوله: والسّماءِ ذَاتِ البُرُوجِ أقسم اللّه جل ثناؤه بالسماء ذات البروج.

واختلف أهل التأويل في معنى البروج في هذا الموضع، فقال بعضهم: عُنِي بذلك: والسماء ذات القصور. قالوا: والبروج: القصور. ذكر من قال ذلك:

٢٨٤٥٤ـ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس والسّماءِ ذَاتِ البُرُوجِ قال ابن عباس : قصور في السماء، قال غيره: بل هي الكواكب.

٢٨٤٥٥ـ حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: البُرُوجِ يزعمون أنها قصور في السماء، ويقال: هي الكواكب.

وقال آخرون: عني بذلك: والسماء ذات النجوم، وقالوا: نجومها: بروجها. ذكر من قال ذلك:

٢٨٤٥٦ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحرث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول اللّه : ذَاتِ البُرُوجِ قال: البروج: النجوم.

٢٨٤٥٧ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح والسّماءِ ذَاتِ البُرُوجِ قال: النجوم.

٢٨٤٥٨ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، قوله: والسّماءِ ذَاتِ البُرُوجِ وبروجها: نجومها.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: والسماء ذات الرمل والماء. ذكر من قال ذلك:

٢٨٤٥٩ـ حدثني الحسن بن قزعة، قال: حدثنا حصين بن نمير، عن سفيان بن حسين، في قوله: والسّماءِ ذَاتِ البُرُوجِ قال: ذات الرمل والماء.

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب: أن يقال: معنى ذلك: والسماء ذات منازل الشمس والقمر، وذلك أن البروج: جمع برج، وهي منازل تتخذ عالية عن الأرض مرتفعة، ومن ذلك قول اللّه : وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيّدَةٍ، وهي منازل مرتفعة عالية في السماء، وهي اثنا عشر برجا، فمسير القمر في كلّ برج منها يومان وثلث، فذلك ثمانية وعشرون منزلاً، ثم يستسرّ ليلتين، ومسير الشمس في كلّ برج منها شهر.

﴿ ١