تفسير الطبري : جامع البيان عن تأويل آي القرآنللإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبريإمام المفسرين المجتهد (ت ٣١٠ هـ ٩٢٣ م)_________________________________سورة الأعلىسورة الأعلى مكيّة وآياتها تسع عشرة بسم اللّه الرحمَن الرحيـم ١القول فـي تأويـل قوله تعالى: {سَبّحِ اسْمَ رَبّكَ الأعْلَىَ}. اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: سَبّحِ اسْم رَبّكَ الأعْلىَ فقال بعضهم: معناه: عظّم ربك الأعلى، لا ربّ أعلى منه وأعظم. وكان بعضهم إذا قرأ ذلك قال: سبحان ربي الأعلى. ذكر من قال ذلك: ٢٨٥٧٢ـ حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عمر أنه كان يقرأ: سَبّحِ اسْمَ رَبّكَ الأعْلىَ: سبحان ربي الأعلى الّذِي خَلَقَ فَسَوّى قال: وهي في قراءة أُبيّ بن كعب كذلك. ٢٨٥٧٣ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن السّديّ، عن عبد خير، قال: سمعت عليا رضي اللّه عنه قرأ: سَبّحِ اسْمَ رَبّكَ الأعْلَى فقال: سبحان ربي الأعلى. ٢٨٥٧٤ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا حكام، عن عنبسة، عن أبي إسحاق الهمْداني، أن ابن عباس كان إذا قرأ: سَبّحِ اسْمَ رَبّكَ الأعْلَى يقول: سبحان ربي الأعلى، وإذا قرأ: لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ فأتى على آخرها ألَيْسَ ذَلك بِقادِرٍ عَلى أنْ يُحْيِي المَوْتَى؟ يقول: سبحانك اللّه مّ وبَلَى. ٢٨٥٧٥ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة سَبّحِ اسْمَ رَبّكَ الأعْلَى ذُكر لنا أن نبيّ اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا قرأها قال: سبحان ربيَ الأعلَى. حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن خارجة، عن داود، عن زياد بن عبد اللّه ، قال: سمعت ابن عباس يقرأ في صلاة المغرب سَبّحِ اسْمَ رَبّكَ الأعْلَى سبحان ربي الأعلَى. وقال آخرون: بل معنى ذلك: نزّه يا محمد اسم ربك الأعلى، أن تسمي به شيئا سواه، ينهاه بذلك أن يفعل ما فعل من ذلك المشركون، من تسميتهم آلهتهم بعضَها اللات، وبعضَها العزّى. وقال غيرهم: بل معنى ذلك: نزّهِ اللّه عما يقول فيه المشركون كما قال: وَلاَ تَسُبّوا الّذِينَ يَدْعَونَ مِنْ دُونِ اللّه فيَسبّوا اللّه عَدْوا بِغَيرِ عِلْمٍ. وقالوا: معنى ذلك: سبح ربك الأعلى قالوا: وليس الاسم معنى. وقال آخرون: نزّه تسميتك يا محمد ربك الأعلى وذكرك إياه، أن تذكره إلاّ وأنت له خاشع متذلل قالوا: وإنما عُنِي بالاسم: التسمية، ولكن وُضع الاسم مكان المصدر. وقال آخرون: معنى قوله: سَبّحِ اسْمَ رَبّكَ الأعْلَى: صلّ بذكر ربك يا محمد، يعني بذلك: صلّ وأنت له ذاكر، ومنه وَجِل خائف. وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب: قول من قال: معناه: نزّه اسم ربك أن تدعو به الاَلهة والأوثان، لما ذكرت من الأخبار، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وعن الصحابة أنهم كانوا إذا قرأوا ذلك قالوا: سبحان ربيَ الأعلى، فبَيّن بذلك أن معناه كان عندهم معلوما: عظم اسم ربك، ونزّهه. |
﴿ ١ ﴾