٣

و قوله: وَالّذِي قَدّرَ فَهَدَى يقول تعالى ذكره: والذي قدّر خلقه فهدى.

واختلف أهل التأويل في المعنى الذي عُني ب قوله: فَهَدَى، فقال بعضهم: هدى الإنسان لسبيل الخير والشرّ، والبهائم للمراتع. ذكر من قال ذلك:

٢٨٥٧٦ـ حدثنا محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحرث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: قَدّرَ فَهَدَى قال: هدى الإنسان للشّقوة والسعادة، وهَدى الأنعام لمراتعها.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: هدى الذكور لمأتى الإناث. وقد ذكرنا الرواية بذلك فيما مضى.

والصواب من القول في ذلك عندنا: أن اللّه عمّ بقوله فَهَدَى الخبر عن هدايته خلقه، ولم يخصص من ذلك معنى دون معنى، وقد هداهم لسبيل الخير والشرّ، وهدى الذكور لمأتى الإناث، فالخبر على عمومه، حتى يأتي خبر تقوم به الحجة، دالّ على خصوصه. واجتمعت قرّاء الأمصار على تشديد الدال من قَدّر، غير الكسائي فإنه خفّفها. والصواب في ذلك التشديد، لإجماع الحجة عليه.

﴿ ٣