٧و قوله: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى إلاّ ما شاءَ اللّه يقول تعالى ذكره: سنقرئك يا محمد هذا القرآن فلا تنساه، إلاّ ما شاء اللّه . ثم اختلف أهل التأويل في معنى قوله فلا تَنْسَى إلاّ ما شاءَ اللّه فقال بعضهم: هذا إخبار من اللّه نبيه عليه الصلاة والسلام أنه يعلمه هذا القرآن، ويحفظه عليه، ونهي منه أن يعجل بقراءته، كما قال جلّ ثناؤه: لا تُحَرّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بهِ إنّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وقُرآنَهُ. ذكر من قال ذلك: ٢٨٥٨٣ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحرث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى قال: كان يتذكر القرآن في نفسه مخافة أن ينسى. فقال قائلو هذه المقالة: معنى الاستثناء في هذا الموضع على النسيان، ومعنى الكلام: فلا تنسى، إلاّ ما شاء اللّه أن تنساه، ولا تذكُرَه، قالوا: ذلك هو ما نسخه اللّه من القرآن، فرفع حكمه وتلاوته. ذكر من قال ذلك: ٢٨٥٨٤ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى كان صلى اللّه عليه وسلم لا ينسى شيئا إلاّ ما شاءَ اللّه . وقال آخرون: معنى النسيان في هذا الموضع: الترك وقالوا: معنى الكلام: سنقرئك يا محمد فلا تترك العمل بشيء منه، إلاّ ما شاء اللّه أن تترك العمل به، مما ننسخه. وكان بعض أهل العربية يقول في ذلك: لم يشأ اللّه أن تنسى شيئا، وهو كقوله: خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السّمَوَاتُ والأرْضُ إلاّ ما شاءَ رَبّكَ ولا يشاء. قال: وأنت قائل في الكلام: لأعطينك كلّ ما سألت إلاّ ما شئت، وإلاّ أن أشاء أن أمنعك، والنية أن لا تمنعه، ولا تشاء شيئا. قال: وعلى هذا مجارِي الأَيمان، يستثنى فيها، ونية الحالف: اللمام. والقول الذي هو أولى بالصواب عندي، قول من قال: معنى ذلك: فلا تنسى إلاّ أن نشاء نحن أن نُنسيكه بنسخه ورفعه. وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب، لأن ذلك أظهر معانيه. و قوله: إنّهُ يَعْلَمُ الجَهْرَ وَما يَخْفَى يقول تعالى ذكره: إن اللّه يعلم الجهر يا محمد من عملك، ما أظهرته وأعلنته وَما يَخْفَى يقول: وما يخفى منه فلم تظهره، مما كتمته، يقول: هو يعلم جميع أعمالك، سرّها وعلانيتها يقول: فاحذره أن يطلع عليك وأنت عامل في حال من أحوالك بغير الذي أذن لك به. |
﴿ ٧ ﴾