١٤

القول فـي تأويـل قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكّىَ}.

يقول تعالى ذكره: قد نجح وأدرك طلبته من تطهّر من الكفر ومعاصي اللّه ، وعمل بما أمره اللّه به، فأدّى فرائضه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:

٢٨٥٨٦ـ حدثني عليّ، قال: حدثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ، قوله: قَدْ أفْلَحَ مَنْ تَزَكّى يقول: من تَزَكّى من الشرك.

٢٨٥٨٧ـ حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا محمد بن عبد اللّه الأنصاري، قال: حدثنا هشام، عن الحسن، في قوله قَدْ أفْلَحَ مَنْ تَزَكّى قال: من كان عمله زاكيا.

٢٨٥٨٨ـ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة قَدْ أفْلَحَ مَنْ تَزَكّى قال: يعمل وَرِعا.

٢٨٥٨٩ـ حدثني سعد بن عبد اللّه بن عبد الحكم، قال: حدثنا حفص بن عُمر العَدَنيّ، عن الحكم، عن عكرِمة، في قوله: قَدْ أفْلَحَ مَنْ تَزَكّى من قال: لا إله إلاّ اللّه .

وقال آخرون: بل معنى ذلك: قد أفلح من أدّى زكاة ماله. ذكر من قال ذلك:

٢٨٥٩٠ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، عن عليّ بن الأقمر، عن أبي الأحوص قَدْ أفْلَحَ مَنْ تَزَكّى قال: من استطاع أن يرضَخَ فليفعل، ثم ليقم فليصلّ.

حدثنا محمد بن عمارة الرازي، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا سفيان، عن عليّ بن الأقمر، عن أبي الأحوص قَدْ أفْلَحَ مَنْ تَزَكّى قال: من رَضَخ.

٢٨٥٩١ـ حدثنا محمد بن عمارة، قال: حدثنا عثمان بن سعيد بن مرّة، قال: حدثنا زهير، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، قال: إذا أتى أحدكم سائل وهو يريد الصلاة، فليقدّم بين يدي صلاته زكاته، فإن اللّه يقول: قَدْ أفْلَحَ مَنْ تَزَكّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبّهِ فَصَلّى فمن استطاع أن يقدّم بين يدي صلاته زكاةً فليفعل.

٢٨٥٩٢ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، قوله: قَدْ أفْلَحَ مَنْ تَزَكّى تزكى رجل من ماله، وأرضى خالقه.

وقال آخرون: بل عنى بذلك زكاة الفطر. ذكر من قال ذلك:

٢٨٥٩٣ـ حدثني عمرو بن عبد الحميد الاَملي، قال: حدثنا مروان بن معاوية، عن أبي خلدة، قال: دخلت على أبي العالية، فقال لي: إذا غَدَوت غدا إلى العيد فمرّ بي، قال: فمررت به، فقال: هل طَعِمت شيئا؟ قلت: نعم، قال: أَفَضْت على نفسك من الماء؟ قلت: نعم، قال: فأخبرني ما فعلت بزكاتك؟ قلت: قد وجّهتها، قال: إنما أردتك لهذا، ثم قرأ: قَدْ أفْلَحَ مَنْ تَزَكّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبّهِ فَصَلّى وقال: إن أهل المدينة لا يَرَون صدقة أفضل منها، ومن سِقاية الماء.

﴿ ١٤