١٧

و قوله: فَلْيَدْعُ نادِيَهُ يقول تعالى ذكره: فليدع أبو جهل أهل مجلسه وأنصاره، من عشيرته وقومه، والنادي: هو المجلس.

وإنما قيل ذلك فيما بلغنا، لأن أبا جهل لما نهى النبي صلى اللّه عليه وسلم عن الصلاة عند المقام، انتهره رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وأغلظ له، فقال أبو جهل: علام يتوعدني محمد وأنا أكثر أهل الوادي ناديا؟ فقال اللّه جلّ ثناؤه: لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعا بالنّاصِيَةِ، فليدع حينئذٍ ناديه، فإنه إن دعا ناديه، دعونا الزبانية. وبنحو الذي قلنا في ذلك جاءت الأخبار، وقال أهل التأويل. ذكر الاَثار المروية في ذلك:

٢٩١٠٥ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبو خالد الأحمر وحدثنا أبو كرَيب، قال: حدثنا الحكم بن جميع، قال: حدثنا عليّ بن مُسْهِر، جميعا عن داود بن أبي هند، عن عكرِمة، عن ابن عباس قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يصلي عند المَقام، فمرّ به أبو جهل بن هشام، فقال: يا محمد، ألم أنهك عن هذا؟ وتوعّده، فأغلظ له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وانتهره، فقال: يا محمد بأيّ شيء تهدّدني؟ أما واللّه إني لأكثر هذا الوادي ناديا، فأنزل اللّه : فَلْيَدْعُ نادِيَهُ سَنْدْعُ الزّبانِيَةَ قال ابن عباس : لو دعا ناديه، أخذته زبانية العذاب من ساعته.

حدثني إسحاق بن شاهين، قال: حدثنا خالد بن عبد اللّه ، عن داود، عن عكرِمة، عن ابن عباس ، قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يصلي، فجاءه أبو جهل، فنهاه أن يصلي، فأنزل اللّه : أرأَيْتَ الّذِي يَنْهَى عَبْدا إذَا صَلّى... إلى قوله: كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ فقال: لقد علم أني أكثر هذا الوادي نَاديا، فغضب النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فتكلم بشيء، قال داود: ولم أحفظه، فأنزل اللّه : فَلْيَدْعُ نادِيَهُ سَنَدْعُ الزّبانِيَةَ فقال ابن عباس : فواللّه لو فعل لأخذته الملائكة من مكانه.

٢٩١٠٦ـ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن أبيه، قال: حدثنا نعيم بن أبي هند، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، قال: قال أبو جهل: هل يُعَفّر محمد وجهه بين أظهركم؟ قال: فقيل نعم، قال: فقال: واللاتِ والعُزّى لئن رأيته يصلي كذلك، لأطأنّ على رقبته، لأُعَفّرنّ وجهه في التراب، قال: فأتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو يصلي ليطأ على رقبته، قال: فما فجأهم منه إلا وهو ينكْص على عَقبيه، ويتقي بيديه قال: ف

قيل له: مالك؟ قال: فقال: إن ببني وبينه خَنْدقا من نار، وهَوْلاً وأجنحة قال: فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : (لَوْ دَنا مِنّي لاخْتَطَفَتْهُ المَلائِكَةُ عُضْوا عُضْوا) قال: وأنزل اللّه ، لا أدري في حديث أبي هريرة أم لا: كَلاّ إنّ الإنْسانَ لَيَطْغَى أنْ رآهُ اسْتَغْنَى إنّ إلى رَبّكَ الرّجْعَى أرأيْتَ الّذِي يَنْهَى عَبْدا إذَا صَلّى أرأَيْتَ إنْ كانَ عَلى الهُدَى أوْ أمَرَ بالتّقْوَى أرأَيْتَ إنْ كَذّبَ وَتَوَلّى يعني أبا جهل ألَمْ يَعْلَمْ بِأنّ اللّه يَرَى كَلاّ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعا بالنّاصِيَةٍ ناصيةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ فَلْيَدْعُ نادِيَهُ يدعو قومه سَنَدْعُ الزّبانِيَةَ الملائكة كَلاّ لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ.

٢٩١٠٧ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا يحيى بن واضح، قال: أخبرنا يونس بن أبي إسحاق، عن الوليد بن العَيْزَار، عن ابن عباس ، قال: قال أبو جهل: لئن عاد محمد يصلي عند المقام لأقتلنه، فأنزل اللّه : اقْرأْ باسْمِ رَبّكَ حتى بلغ هذه الاَية: لَنَسْفَعا بالنّاصِيَةِ ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ فَلْيَدْعُ نادِيَهُ سَنَدْعُ الزّبانِيَةَ، فجاء النبي صلى اللّه عليه وسلم وهو يصلي، ف

قيل له: ما يمنعك؟ قال: (قد اسودّ ما بيني وبينه من الكتائب) .. قال ابن عباس : واللّه لو تحرّك لأخذته الملائكة والناس ينظرون إليه.

٢٩١٠٨ـ حدثنا أبو كُرَيب، قال: حدثنا زكريا بن عديّ، قال: حدثنا عبيد اللّه بن عمرو، عن عبد الكريم، عن عكرِمة، عن ابن عباس ، قال: قال أبو جهل: لئن رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يصلي عند الكعبة، لاَتينه حتى أطأ على عنقه، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : (لَوْ فَعَلَ لأَخَذَتْهُ المَلائِكَةُ عِيانا) .

وبالذي قلنا في معنى النادي قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:

٢٩١٠٩ـ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس في قوله: فَلْيَدْعُ نادِيَهُ يقول: فليدع ناصره.

﴿ ١٧