تفسير الطبري : جامع البيان عن تأويل آي القرآنللإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبريإمام المفسرين المجتهد (ت ٣١٠ هـ ٩٢٣ م)_________________________________سورة الهمزةسورة الهمزة مكيّة وآياتها تسع بسم اللّه الرحمَن الرحيم ١القول فـي تأويـل قوله تعالى: {وَيْلٌ لّكُلّ هُمَزَةٍ لّمَزَةٍ }. يعني تعالى ذكره ب قوله: وَيْلٌ لِكُلّ هُمَزَةٍ الوادي يسيل من صديد أهل النار وقيحهم، لكلّ همزة: يقول: لكلّ مغتاب للناس، يغتابهم ويغضهم، كما قال زياد الأعجم: تُدْلي بوُدّي إذا لاقَيْتَنِي كَذِباوإنْ أُغَيّبْ فأنتَ الهامِزُ اللّمَزَهْ و يعني باللّمَزة: الذي يعيب الناس، ويطعن فيهم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ٢٩٢٨٨ـ حدثنا مسروق بن أبان، قال: حدثنا وكيع، عن رجل لم يسمه، عن أبي الجوزاء، قال: قلت لابن عباس : مَنْ هؤلاء هم الذين بدأهم اللّه بالويل؟ قال: هم المَشّاءون بالنميمة، المفرّقون بين الأحبة، الباغون أكبر العيب. حدثنا أبو كُرَيب، قال: حدثنا وكيع، عن أبيه، عن رجل من أهل البصرة، عن أبي الجوزاء، قال: قلت: لابن عباس : من هؤلاء الذين ندبهم اللّه إلى الويل؟ ثم ذكر نحو حديث مسروق بن أبان. ٢٩٢٨٩ـ حدثنا ابن حُميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد وَيْلٌ لِكُلّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ قال: الهمزة يأكل لحوم الناس، واللمزة: الطعان. وقد رُوي عن مجاهد خلاف هذا القول، وهو ما: ٢٩٢٩٠ـ حدثنا به أو كُرَيب، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد وَيْلٌ لِكُلّ هُمَزَةٍ قال: الهمزة: الطّعّان، واللمزة: الذي يأكل لحوم الناس. حدثنا مسروق بن أبان الحطاب، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. ورُوي عنه أيضا خلاف هذين القولين، وهو ما: ٢٩٢٩١ـ حدثنا به ابن بشار، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد وَيْلٌ لِكُلّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ قال: أحدهما الذي يأكل لحوم الناس، والاَخر الطعان. وهذا يدلّ على أن الذي حدّث بهذا الحديث قد كان أشكل عليه تأويل الكلمتين، فلذلك اختلف نقل الرواة عنه ما رووا على ما ذكرت. ٢٩٢٩٢ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة وَيْلٌ لِكُلّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ أما الهمزة: فآكل لحوم الناس، وأما اللمزة: فالطعان عليهم. حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سعيد بن أبي عَروبة، عن قتادة ، قال: الهمزة: آكل لحوم الناس: واللمزة: الطعان عليهم. ٢٩٢٩٣ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، عن ابن خثيم، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس : وَيْلٌ لِكُلّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ قال: ويل لكلّ طعان مغتاب. ٢٩٢٩٤ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية، قال: الهُمزة: يهمزه في وجهه، واللمزة: من خلفه. ٢٩٢٩٥ـ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ، قال: يهمزه ويلمزه بلسانه وعينه، ويأكل لحوم الناس، ويطعن عليهم. ٢٩٢٩٦ـ حدثني الحرث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: الهُمَزة باليد، واللّمَزة باللسان. وقال آخرون في ذلك ما: ٢٩٢٩٧ـ حدثني به يونُس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول اللّه : وَيْلٌ لِكُلّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ قال: الهمزة: الذي يهمز الناس بيده، ويضربهم بلسانه، واللمزة: الذي يلمزهم بلسانه ويعيبهم. واختُلِف في المعنيّ ب قوله: وَيْلٌ لِكُلّ هُمَزَةٍ فقال بعضهم: عُنِيَ بذلك: رجل من أهل الشرك بعينه، فقال بعض من قال هذا القول: هو جميل بن عامر الجُمَحيّ. وقال آخرون منهم: هو الأخنس بن شريق. ذكر من قال: عُنِي به مشرك بعينه: ٢٩٢٩٨ـ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ، قوله: وَيْلٌ لِكُلّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ قال: مشرك كان يَلْمِزُ الناس ويَهْمِزُهُمْ. ٢٩٢٩٩ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحرث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن رجل من أهل الرّقّة قال: نزلتْ في جميل بن عامر الجُمَحيّ. ٢٩٣٠٠ـ حدثني الحرث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، في قوله هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ قال: ليست بخاصة لأحد، نزلتْ في جميل بن عامر قال ورقاء: زعم الرقاشيّ. وقال بعض أهل العربية: هذا من نوع ما تذكر العرب اسم الشيء العام، وهي تقصد به الواحد، كما يقال في الكلام، إذا قال رجل لأحد: لا أزورك أبدا: كل من لم يزرني، فلست بزائره، وقائل ذلك يقصد جواب صاحبه القائل له: لا أزورك أبدا. وقال آخرون: بل معنيّ به، كلّ من كانت هذه الصفة صفته، ولم يقصد به قصد آخر. ذكر من قال ذلك: ٢٩٣٠١ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحرث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول اللّه : وَيْلٌ لِكُلّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ قال: ليست بخاصة لأحد. والصواب من القول في ذلك: أن يقال: إن اللّه عمّ بالقول كلّ همزة لمزة، كلّ من كان بالصفة التي وصف هذا الموصوف بها، سبيله سبيله كائنا من كان من الناس. |
﴿ ١ ﴾