٩

والعرب تقول: أوصد الباب: أغلق.

و قوله: فِي عَمَدٍ مُمَدّدَةٍ اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة: فِي عَمَدٍ بفتح العين والميم. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة: (فِي عُمُدٍ) بضم العين والميم. والقول في ذلك عندنا أنهما قراءتان معروفتان، قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القرّاء، ولغتان صحيحتان. والعرب تجمع العمود: عُمُدا وعَمَدا، بضم الحرفين وفتحهما، وكذلك تفعل في جمع إهاب، تجمعه: أُهُبا، بضم الألف والهاء، وأَهَبا بفتحهما، وكذلك القضم، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب.

واختلف أهل التأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: إنها عليهم مُؤصدة بعمد ممدّدة: أي مغلقة مطبقة عليهم، وكذلك هو في قراءة عبد اللّه فيما بلغنا.

٢٩٣٠٩ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، عن قتادة ، في قراءة عبد اللّه : (إنّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ بِعَمَدٍ مُمَدّدَةٍ) .

وقال آخرون: بل معنى ذلك: إنما دخلوا في عمد، ثم مدّت عليهم تلك العمد بعماد. ذكر من قال ذلك:

٢٩٣١٠ـ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس فِي عَمَدٍ مُمَدّدَةٍ قال: أدخلهم في عمد، فمدّت عليهم بعماد، وفي أعناقهم السلاسل، فسُدّت بها الأبواب.

٢٩٣١١ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد فِي عَمَدٍ من حديد مغلولين فيها، وتلك العمد من نار قد احترقت من النار، فهي من نار مُمَدّدةٍ لهم.

وقال آخرون: هي عَمَد يعذّبون بها. ذكر من قال ذلك:

٢٩٣١٢ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة فِي عَمَدٍ مُمَدّدَةٍ كنا نحدّث أنها عمد يعذّبون بها في النار، قال بشر: قال يزيد: في قراءة قتادة : عَمَدٍ.

حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مِهْران، عن سعيد، عن قتادة فِي عَمَدٍ مُمَدّدَةٍ قال: عمود يعذّبون به في النار.

وأولى الأقوال بالصواب في ذلك قول من قال: معناه: أنهم يعذّبون بعمد في النار، واللّه أعلم كيف تعذيبه إياهم بها، ولم يأتنا خبر تقوم به الحجة بصفة تعذيبهم بها، ولا وُضِعَ لنا عليها دليل، فندرك به صفة ذلك، فلا قول فيه، غير الذي قلنا يصحّ عندنا، واللّه أعلم.

﴿ ٩