٣

و قوله: إنّ شانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ يعني بقوله جلّ ثناؤه: إنّ شانِئَكَ إن مُبغضَك يا محمد وعدوّك هُوَ الأبْتَرُ يعني بالأبتر: الأقلّ والأذلّ المنقطع دابره، الذي لا عَقِبَ له.

واختلف أهل التأويل في المعنيّ بذلك، فقال بعضهم: عُنِي به العاص بن وائل السهميّ. ذكر من قال ذلك:

٢٩٤٩٢ـ حدثني عليّ، قال: حدثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ، قوله: إنّ شانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ يقول: عدوّك.

٢٩٤٩٣ـ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ، قوله: إنّ شانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ قال: هو العاص بن وائل.

٢٩٤٩٤ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن هلال بن خباب، قال: سمعت سعيد بن جُبير يقول: إنّ شانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ قال: هو العاص بن وائل.

حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مِهْران، عن سفيان، عن هلال، قال: سألت سعيد بن جُبَير، عن قوله: إنّ شانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ قال: عدوّك العاص بن وائل انبتر من قومه.

٢٩٤٩٥ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: إنّ شانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ قال: العاص بن وائل، قال: أنا شانىء محمد، ومن شنأه الناس فهو الأبتر.

٢٩٤٩٦ـ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة إنّ شانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ قال: هو العاص بن وائل، قال: أنا شانىءٌ محمدا، وهو أبتر، ليس له عَقِبٌ، قال اللّه : إنّ شانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ قال قتادة : الأبتر: الحقير الدقيق الذليل.

حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة إنّ شانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ هذا العاص بن وائل، بلغنا أنه قال: أنا شانىء محمد.

٢٩٤٩٧ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: إنّ شانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ قال: الرجل يقول: إنما محمد أبتر، ليس له كما ترون عَقِبٌ، قال اللّه : إنّ شانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ.

وقال آخرون: بل عُنِي بذلك: عُقْبة بن أبي مُعَيط. ذكر من قال ذلك:

٢٩٤٩٨ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا يعقوب القُميّ، عن حفص بن حميد، عن شمر بن عطية، قال: كان عقبة بن أبي معيط يقول: إنه لا يبقى للنبيّ صلى اللّه عليه وسلم ولد، وهو أبتر، فأنزل اللّه فيه هؤلاء الاَيات: إنّ شانِئَكَ عُقبة بن أبي مُعَيط هُوَ الأبْتَرُ.

وقال آخرون: بل عُنِي بذلك جماعة من قريش. ذكر من قال ذلك:

٢٩٤٩٩ـ حدثنا ابن المثنى، قال: حدثنا عبد الوهاب، قال: حدثنا داود، عن عكرِمة، في هذه الاَية: أَلَمْ تَرَ إلى الّذِينَ أُوتُوا نَصِيبا مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بالجِبْتِ وَالطّاغُوتِ ويَقُولُونَ لِلّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أهْدَى مِنَ الّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً قال: نزلت في كعب بن الأشرف، أتى مكة فقال لها أهلُها: نحن خير أم هذا الصّنبور المنبتر من قومه، ونحن أهل الحجيج، وعندنا مَنْحَر البُدْنِ، قال: أنتم خير. فأنزل اللّه فيه هذه الاَية، وأنزل في الذين قالوا للنبيّ صلى اللّه عليه وسلم ما قالوا: إنّ شانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ.

٢٩٥٠٠ـ حدثنا أبو كُرَيب، قال: حدثنا وكيع، عن بدر بن عثمان، عن عكرِمة إنّ شانِئِكَ هُوَ الأبْتَرُ. قال: لمّا أُوحي إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم قالت قريش: بَتِرَ محمد منا، فنزلت: إنّ شانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ قال: الذي رماك بالبَتَرِ هو الأبتر.

٢٩٥٠١ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا ابن أبي عديّ، قال: أنبأنا داود بن أبي هند، عن عكرِمة، عن ابن عباس قال: لما قَدِم كعب بن الأشرف مكة أتوْه، فقالوا له: نحن أهل السّقاية والسّدانة، وأنت سيد أهل المدينة، فنحن خير أم هذا الصّنْبور المنبتر من قومه، يزعم أنه خير منا؟ قال: بل أنتم خير منه، فنزلت عليه: إنّ شانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ قال: وأُنزلت عليه: ألَمْ تَرَ إلى الّذِينَ أُوتُوا نَصِيبا مِنَ الْكِتابِ... إلى قوله: نَصِيرا.

وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب أن يقال: إن اللّه تعالى ذكره أخبر أن مُبغض رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم هو الأقلّ الأذلّ، المنقطع عقبه، فذلك صفة كلّ من أبغضه من الناس، وإن كانت الاَية نزلت في شخص بعينه.

﴿ ٣