٣

و قوله: فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ يقول: فسبح ربّك وعظمه بحمده وشكره، على ما أنجز لك من وعده. فإنك حينئذٍ لاحق به، وذائق ما ذاق مَنْ قَبْلك من رُسله من الموت. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:

٢٩٥١١ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن حبيب، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس ، أن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه، سألهم عن قول اللّه تعالى: إذَا جاءَ نَصْرُ اللّه وَالْفَتْحُ قالوا: فتح المدائن والقصور، قال: فأنت يا بن عباس ما تقول: قلت: مَثَلٌ ضرب لمحمد صلى اللّه عليه وسلم نُعِيتْ إليه نفسه.

٢٩٥١٢ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس ، أن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه كان يُدنيه، فقال له عبد الرحمن: إن لنا أبناءً مثلَه، فقال عمر: إنه من حيث تعلم، قال: فسأله عمر عن قول اللّه : إذَا جاءَ نَصْرُ اللّه وَالْفَتْحُ السورة، فقال ابن عباس : أجله، أعلمه اللّه إياه، فقال عمر: ما أعلم منها إلا مثل ما تعلم.

حدثنا ابن حُميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، عن عاصم، عن أبي رزين، عن ابن عباس ، قال: قال عمر رضي اللّه عنه: ما هي؟ يعني إذا جاء نَصْرُ اللّه وَالفَتْحُ قال ابن عباس : إذَا جاءَ نَصُرُ اللّه حتى بلغ: وَاسْتغْفِرْهُ إنك ميت إنّهُ كانَ تَوّابا فقال عمر: ما نعلم منها إلا ما قلت.

٢٩٥١٣ـ قال: ثنا مهران، عن سفيان عن عاصم، عن أبي رزين، عن ابن عباس قال: لما نزلت إذَا جاءَ نَصْرُ اللّه وَالْفَتْحُ علم النبي أنه نُعِيتْ إليه نفسه، ف

قيل له: إذا جاء نصر اللّه والفتح إلى آخر السورة.

٢٩٥١٤ـ حدثنا أبو كرَيب وابن وكيع، قالا: حدثنا ابن فضيل، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس ، قال: لما نزلت إذَا جاءَ نَصْرُ اللّه وَالْفَتْحُ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : (نُعِيَتْ إليّ نَفْسِي، كأنّي مَقْبُوضٌ فِي تِلكَ السّنَةِ) .

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ، في قوله: إذَا جاءَ نَصْرُ اللّه وَالْفَتْحُ قال: ذاك حين نَعَى له نفسه يقول: إذا رأَيْتَ النّاسَ يَدْخُلونَ فِي دِينِ اللّه أفْوَاجا يعني إسلام الناس، يقول: فذاك حين حضر أجلُك فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إنّهُ كانَ تَوّابا.

حدثني أبو السائب وسعيد بن يحيى الأموي، قالا: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، عن عائشة قالت كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يُكثر أن يقول قبل أن يموت: (سبحانك اللّه مّ وبحمدك، أستغفرك وأتوب إليك) قالت: فقلت: يا رسول اللّه ما هذه الكلمات التي أراك قد أحدثَتها تقولها؟ قال: (قَدْ جُعِلَتْ لي عَلامَةٌ فِي أُمّتِي إذَا رَأيْتُها قُلْتُها إذَا جاءَ نَصْرُ اللّه والْفَتْحُ إلى آخر السورة) .

٢٩٥١٥ـ حدثني يحيى بن إبراهيم المسعوديّ، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، قال: قالت عائشة: ما سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم منذ أُنزلت عليه هذه السورة إذَا جاءَ نَصْرُ اللّه وَالْفَتْحُ لا يقول قبلها: سبحانك ربنا وبحمدك، اللّه مّ اغفر لي.

حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا ابن نمير، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، عن عائشة، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، مثله.

٢٩٥١٦ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عائشة قالت: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يُكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: (سبحانك اللّه مّ وبحمدك، اللّه مّ اغفر لي) ، يتأوّل القرآن.

حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن عُلَية، عن داود، عن الشعبيّ، قال داود: لا أعلمه إلا عن مسروق، وربما قال عن مسروق، عن عائشة قالت: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يُكثر أن يقول: (سبحان اللّه وبحمده، أستغفر اللّه وأتوب إليه) ، فقلت: إنك تُكثر من هذا، فقال: (إنّ رَبّي قَدْ أخْبَرنِي أنّي سأَرَى عَلامَةً فِي أُمّتِي، وأمَرَنِي إذَا رأَيْتُ تِلكَ الْعَلامَةَ أنْ أُسَبّحَ بحَمْدِهِ، وأسْتَغْفِرَهُ إنّهُ كانَ تَوّابا، فَقَدْ رأيْتُها إذَا جاءَ نَصْرُ اللّه وَالْفَتْحُ) .

٢٩٥١٧ـ حدثنا أبو السائب، قال: حدثنا حفص، قال: حدثنا عاصم، عن الشعبيّ، عن أمّ سلمة، قالت: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في آخر أمره لا يقوم ولا يقعد، ولا يذهب ولا يجيء إلا قال: (سبحان اللّه وبحمده) ، فقلت: يا رسول اللّه ، إنك تُكثر من سبحان اللّه وبحمده، لا تذهب ولا تجيء، ولا تقوم ولا تقعد إلا قلت: سبحان اللّه وبحمده، قال: (إنّي أُمِرْتُ بِها) ، فقال: إذَا جاءَ نَصْرُ اللّه وَالْفَتْحُ إلى آخر السورة.

٢٩٥١٨ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: ثني ابن إسحاق، عن بعض أصحابه، عن عطاء بن يسار، قال: نزلت سورة إذَا جاءَ نَصْرُ اللّه وَالْفَتْحُ كلها بالمدينة بعد فتح مكة، ودخولها الناس في الدين، يَنْعي إليه نفسه.

٢٩٥١٩ـ قال: ثنا جرير، عن مُغيرة، عن زياد بن الحصين، عن أبي العالية، قال: لما نزلت: إذَا جاءَ نَصْرُ اللّه وَالْفَتْحُ ونُعَيتْ إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم نفسُه، كان لا يقوم من مجلس يجلس فيه حتى يقولَ: (سبحانك اللّه مّ وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك) .

٢٩٥٢٠ـ قال: ثنا الحكم بن بشير، قال: حدثنا عمرو، قال: لما نزلت: إذَا جاءَ نَصْرُ اللّه وَالْفَتْحُ كان النبي صلى اللّه عليه وسلم مما يكثر أن يقول: (سبحانك اللّه مّ وبحمدك، ربّ اغفر لي وتب عليّ، إنك أنت التوّاب الرحيم) .

٢٩٥٢١ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة إذَا جاءَ نَصْرُ اللّه وَالْفَتْحُ قرأها كلها قال ابن عباس : هذه السورة عَلَم وحَدّ حدّه اللّه لنبيه صلى اللّه عليه وسلم ، ونَعَى له نفسَه. أي إنك لن تعيشَ بعدها إلا قليلاً. قال قتادة : واللّه ما عاش بعد ذلك إلا قليلاً، سنتين، ثم توفي صلى اللّه عليه وسلم .

٢٩٥٢٢ـ حدثنا ابن حُميد، قال: حدثنا مهران، عن أبي معاذ عيسى بن أبي يزيد، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن ابن مسعود، قال: لما نزلت: إذَا جاءَ نَصْرُ اللّه وَالْفَتْحُ كان يُكثر أن يقول: (سبحانك اللّه مّ وبحمدك، اللّه مّ اغفر لي، سبحانك ربنا وبحمدك، اللّه مّ اغفر لي، إنك أنت التوّاب الغفور) .

٢٩٥٢٣ـ حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قول اللّه : إذَا جاءَ نَصْرُ اللّه وَالفْتْحُ: كانت هذه السورة آية لموت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم .

٢٩٥٢٤ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحرث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول اللّه : وَاسْتَغْفِرْهُ إنّهُ كانَ تَوّابا قال: اعلم أنك ستموت عند ذلك.

و قوله: وَاسْتَغْفِرْهُ يقول: وسَلْه أن يغفر ذنوبَك. إنّهُ كانَ تَوّابا: يقول: إنه كان ذا رجوع لعبده، المطيع إلى ما يحبّ. والهاء من قوله (إنه) من ذكر اللّه عزّ وجلّ.

﴿ ٣