٥

و قوله: وَمِنْ شَرّ حاسِدٍ إذَا حَسَدَ: اختلف أهل التأويل في الحاسد الذي أمر النبي صلى اللّه عليه وسلم أن يستعيذ من شرّ حسده به، فقال بعضهم: ذلك كلّ حاسد أمر النبي صلى اللّه عليه وسلم أن يستعيد من شرّ عينه ونفسه. ذكر من قال ذلك:

٢٩٦١٤ـ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة وَمِنْ شَرّ حاسِدٍ إذَا حَسَدَ قال: من شرّ عينه ونفسه، وعن عطاء الخُراساني مثل ذلك. قال مَعْمر: وسمعت ابن طاوُس يحدّث عن أبيه، قال: العَينُ حَقّ، وَلَو كا٢شَيءٌ سابق القَدرِ، سَبَقتْه العَينُ، وإذا اسْتُغْسِل أحدُكم فَلْيَغْتَسل.

وقال آخرون: بل أُمر النبي صلى اللّه عليه وسلم بهده الاَية أن يستعيذ من شرّ اليهود الذين حسدوه. ذكر من قال ذلك:

٢٩٦١٥ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: وَمِنْ شَرّ حاسِدٍ إذَا حَسَدَ قال: يهود، لم يمنعم أن يؤمنوا به إلا حسدهم.

وأولى القولين بالصواب في ذلك، قول من قال: أمر النبي صلى اللّه عليه وسلم أن يستعيذ من شرّ كلّ حاسد إذا حسد، فعابه أو سحره، أو بغاه سوءا.

وإنما قلنا: ذلك أولى بالصواب، لأن اللّه عزّ وجلّ لم يخصص من قوله وَمِنْ شَرّ حاسِدٍ إذَا حَسَدَ حاسدا دون حاسد، بل عمّ أمرُه إياه بالاستعاذة من شر كلّ حاسد، فذلك على عمومه.

﴿ ٥