سُورَةُ الرَّعْد

بسم اللّه الرحمن الرحيم

٤

قوله تعالى: {وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَالضَّحَّاكُ: " الْأَرْضُ السَّبَخَةُ وَالْأَرْضُ الْعَذْبَةُ " {وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: " النَّخَلَاتُ أَصْلُهَا وَاحِدٌ ". قوله تعالى: {يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ} فِيهِ أَوْضَحُ دَلَالَةٍ عَلَى بُطْلَانِ مَذْهَبِ أَصْحَابِ الطَّبَائِعِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ حُدُوثُ مَا يَحْدُثُ مِنْ الثِّمَارِ بِطَبْعِ الْأَرْضِ وَالْهَوَاءِ وَالْمَاءِ لَوَجَبَ أَنْ يَتَّفِقَ مَا يَحْدُثُ مِنْ ذَلِكَ لِاتِّفَاقِ مَا يُوجِبُ حُدُوثَهُ؛ إذْ كَانَتْ الطَّبِيعَةُ الْوَاحِدَةُ تُوجِبُ عِنْدَهُمْ اتِّفَاقَ مَا يَحْدُثُ مِنْهَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ تُوجِبَ فِعْلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ، فَلَوْ كَانَ حُدُوثُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الْمُخْتَلِفَةِ الْأَلْوَانِ وَالطُّعُومِ وَالْأَرَايِيحِ وَالْأَشْكَالِ مِنْ إيجَابِ الطَّبِيعَةِ لَاسْتَحَالَ اخْتِلَافُهَا وَتَضَادُّهَا مَعَ اتِّفَاقِ الْمُوجِبِ لَهَا، فَثَبَتَ أَنَّ الْمُحْدِثَ لَهَا قَادِرٌ مُخْتَارٌ حَكِيمٌ قَدْ أَحْدَثَهَا عَلَى اخْتِلَافِهَا عَلَى عِلْمٍ مِنْهُ بِهَا وَهُوَ اللّه تَعَالَى.

قوله تعالى: {إنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَسَعِيدٍ وَمُجَاهِدٍ وَالضَّحَّاكِ: " الْهَادِي هُوَ اللّه تَعَالَى "

وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَيْضًا وَقَتَادَةَ: " الْهَادِي نَبِيُّ كُلِّ أُمَّةٍ ". وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا: الْهَادِي الدَّاعِي إلَى الْحَقِّ ". وَعَنْ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ وَأَبِي الضُّحَى وَعِكْرِمَةَ: " الْهَادِي مُحَمَّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم ". وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ: إنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَهَادٍ لِكُلِّ قَوْمٍ، وَالْمُنْذِرُ هُوَ الْهَادِي وَالْهَادِي أَيْضًا هُوَ الْمُنْذِرُ.

﴿ ٤