٢٨٦

{ لاَ يُكَلِّفُ ٱللّه نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا ٱكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَٱعْفُ عَنَّا وَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلَٰـنَا فَٱنْصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ }

١) تفسير

٢) الجهاد (على من يجب)

٣) الجهاد (المهادنة)

(أنا) أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنى أبو بكر أحمد بن محمد بن أيوب الفارسى المفسر. أنا أبو بكر محمد بن صالح ابن الحسن البستانى بشيراز، نا الربيع بن سليمان المرادى، نا محمد بن إدريس الشافعى (رحمه اللّه)، أنا ابراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن سعيد بن مرجانة: قال عكرمة لابن عباس: إن ابن عمر تلا هذه الآية: {وَإِن تُبْدُواْ مَا فِيۤ أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ ٱللّه} ؛ فبكى، ثم

قال: واللّه لئن أخذنا اللّه بها لنهلكن. فقال ابن عباس: يرحم اللّه أبا عبد الرحمن؛ قد وجد المسلمون منها - حين نزلت - ما وجد؛ فذكروا ذلك لرسول اللّه صلى لاله عليه وسلم؛ فنزلت: {لاَ يُكَلِّفُ ٱللّه نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا}  من القول والعمل. وكان حديث النفس مما لا يملكه أحد، ولا يقدر عليه أحد.

* * *

وبهذا الإسناد،

قال الشافعى: فَرَض اللّه (عز وجل): قتالَ غيرِ أهلِ الكتابِ حتى يُسلِموا، وأهلِ الكتابِ حتى يُعْطُوا الجِزْيَة

قال: {لاَ يُكَلِّفُ ٱللّه نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} . فبِذَا فُرِض على المسلمين ما أطاقُوه؛ فإذا عَجَزُوا عنه: فإنما كُلِّفُوا منه ما أطاقُوه؛ فلا بأسَ: أنْ يَكُفُّوا عن قتالِ الفَرِيقَيْنِ: من المشركينَ؛ وأنْ يُهَادِنُوهُم.

ثم ساق الكلامَ، إلى أن

قال: فهادَنَهُم رسولُ اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (يعنى: أهلَ مكةَ، بالحُدَيْبِيَةِ) فكانتْ الهُدْنةُ بيْنه وبيْنهم عَشْرَ سِنِينَ؛ ونَزَل عليه - فى سفرِه - فى أمرِهم: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً * لِّيَغْفِرَ لَكَ ٱللّه} .

قال الشافعى: قال ابن شهاب: فما كان فى الإسلام فَتْحٌ أعْظمَ منه.. وذَكَر: دُخولَ الناسِ فى الإسلامِ: حينَ أمِنُوا.

وذَكَر الشافعى - فى مُهَادَنَةِ مَن يَقْوَى على قتاله -: أنه ليس له مُهادَنَتُهم على النَّظَرِ: على غيرِ جِزْيةٍ؛ أكثرَ من أربعةِ أشهرٍ. لقوله عز وجل: {بَرَآءَةٌ مِّنَ ٱللّه وَرَسُولِهِ إِلَى ٱلَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ * فَسِيحُواْ فِي ٱلأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} .

قال الشافعى: لمَّا قَوِىَ أهلُ الإسلامِ: أنزَل اللّه (تعالى) على النبى (صلى اللّه عليه وسلم) مَرْجِعَه من تَبُوكَ: {بَرَآءَةٌ مِّنَ ٱللّه وَرَسُولِهِ}..

ثم ساق الكلامَ. إلى أن

قال: فقيل: كان الذين عاهدُوا النبىَّ (صلى اللّه عليه وسلم): قوماً مُوَادِعِينَ، إلى غيرِ مُدَّةٍ معلومةٍ. فجَعلَها اللّه (عز وجل): أربعةَ أشهرٍ؛ ثم جَعلَها رسولُ اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) كذلك. وأمَرَ اللّه نبيَّه (صلى اللّه عليه وسلم) فى قوم -: عاهدَهم إلى مدةٍ، قبلَ نزولِ الآية. -: أنْ يُتِمَّ إليهم عهدَهم، إلى مُدَّتِهم: ما استقاموا له؛ ومَن خاف منه خِيانةً -: منهم - نَبَذَ إليه. فلم يَجُزْ: أنْ يُسْتَأنَفَ مدَّةٌ، بعدَ نزولِ الآيةِ -: وبالمسلمينَ قُوَّةٌ . - إلى أكثرَ من أربعةِ أشهرٍ.

﴿ ٢٨٦