٩٧

{ فِيهِ ءَايَٰتٌ بَيِّنَـٰتٌ مَّقَامُ إِبْرَٰهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَللّه عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ مَنِ ٱسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللّه غَنِيٌّ عَنِ ٱلْعَٰلَمِينَ }

١) الحج

٢) الحج (فرضيته)مَا يُؤْثَرُ عَنْهُ فِى الْحجِّ

وفيما أنبأنا أبو عبد اللّه الحافظ (إجازةً): أنبأنا أبو العباس، حدثهم،

قال: أنا الربيع،

قال:

قال الشافعى (رحمه اللّه): الآية التى فيها بيانُ فَرْض الحج على من فُرِض عليه، هى: قول اللّه تبارك وتعالى: {وَللّه عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ مَنِ ٱسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} .

قال تعالى: {وَأَتِمُّواْ ٱلْحَجَّ وَٱلْعُمْرَةَ للّه} .

قال الشافعى: أنا ابن عُيينة، عن ابن أبى نَجِيح، عن عكرمة،

قال: لما نزلت: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلإِسْلاَمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} الآية.  - قالت اليهود: فنحن مسلمون؛ فقال اللّه لنبيه (صلى اللّه عليه وسلم): فَحُجَّهُمْ؛ فقال لهم النبىُّ (صلى اللّه عليه وسلم): حُجُّوا؛ فقالوا: لم يكتب علينا؛ وأبَوْا أن يحجوا. فقال اللّه تعالى: {وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللّه غَنِيٌّ عَنِ ٱلْعَالَمِينَ} . قال عكرمة: ومن كفر -: من أهل الملل. -: فإن اللّه غنىٌّ عن العالمين..

قال الشافعى: وما أشْبَه ما قال عكرمة، بما قال (واللّه أعلم) -: لأن هذا كفر بفرض الحج: وقد أنزله اللّه؛ والكفر بآية من كتاب اللّه: كُفْرٌ..

قال الشافعى: أنا مسلم بن خالد، وسعيد بن سالم، عن ابن جريج،

قال: قال مجاهد - فى قول اللّه: {وَمَن كَفَرَ}: -

قال: هو فيما: إن حجّ لم يره بِرّاً، وإن جلس لم يره إثما.كان سعيد بن سالم، يذهبُ: إلى أنه كفر بفرض الحجّ.

قال: ومن كفر بآية من كتاب اللّه عزّوجلَ -: كان كافراً.وهذا (إن شاء اللّه): كما قال مجاهد؛ وما قال عكرمة فيه: أوضحُ؛ وإن كان هذا واضحاً..

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو، نا أبو العباس الأصم، أنا الربيع، أنا الشافعى،

قال: قال اللّه تبارك وتعالى: {وَللّه عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ مَنِ ٱسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}. والاستطاعة - فى دلالة السنة والإِجماع -: أن يكون الرجلُ يقدر على مركب وزادٍ: يُبَلِّغُهُ ذاهباً وجائيا؛ وهو يقوى على المركَب. أو: أن يكون له مال، فيستأجر به من يحج عنه.أو: يكون له مَنْ: إذا أمره أن يحجّ عنه،أطاعه.. وأطال الكلام فى شرحه.

وإنما أراد به: الاستطاعةَ التى هي سبب وجوب الحج. فأما الاستطاعة - التى هى: خَلْقُ اللّه تعالى، مع كَسْبِ العبد. -: فقد

قال الشافعى في أول كتاب (الرسالة):والحمد للّه الذى لا يُؤَدَّى شُكْرُ نعمةٍ - من نعمه - إلا بنعمة منه: تُوجِبُ على مُؤَدِّى ماضى نِعَمِه، بأدائها -: نعمةً حادثةً يجبُ عليه شكرُه بها..

وقال بعد ذلك: وأسْتهْدِيهِ بِهُدَاهُ: الذى لا يَضِلُّ مَنْ أنْعَم به عليه..

وقال فى هذا الكتاب: الناسُ مُتَعَبَّدُونَ: بأن يقولوا، أو يفعلوا ما أُمِرُوا: أن ينتهوا إليه، لا يُجاوزونه. لأنهم لم يُعطوا أنفسهم شيئاً، إنما هو: عطاءُ اللّه (جلَّ ثناؤه). فنسألُ اللّه: عطاءً: مُؤَدِّياً لحقه، مُوجِباً لمزيده..

وكلُّ هذا: فيما أنبأنا أبو عبداللّه، عن أبى العباس، عن الربيع، عن الشافعى.

وله - فى هذا الجنس - كلامٌ كثيرٌ: يدلُّ على صحة اعتقاده فى التَّعَرِّى من حَوْله وقُوَّته، وأنه لا يستطيع العبدُ أن يعمل بطاعة اللّه (عزَّ وجلَّ)، إلا بتوفيقه. وتوفيقُهُ: نعمتُه الحادثةُ: التى بها يُؤَدَّى شكرُ نعمته الماضيةِ؛ وعطاؤه: الذى به يُؤَدَّى حقُّه؛ وهُداه:الذى به لا يَضِلُّ مَنْ أنعم به عليه.

﴿ ٩٧