٢{ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُواْ ذَوَىْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَادَةَ للّه ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِٱللّه وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَمَن يَتَّقِ ٱللّه يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً } ١) الطلاق (الألفاظ التي تقع بها الطلاق) ٢) الهجرة (الإذن بها) ٣) الشهادة (في الزواج والطلاق) ٤) الشهادة (عدد الشهود وصفتهم) (نا) أبو عبد اللّه الحافظ، وأبو سعيد بن أبى عمرو - قالا: نا أبو العباس، أنا الربيع، أنا الشافعى، قال: ذَكر اللّه (عز وجل) الطلاقَ، فى كتابه، بثلاثة أسماءٍ: الطلاقِ، والفِرَاقِ، والسَّرَاحِ. فقال جل ثناؤه: {إِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} ؛ وقال عز وجل: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} ؛ وقال لنبيه (صلى اللّه عليه وسلم) فى أزواجه: {إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً} .. زاد أبو سعيد - فى روايته -: قال الشافعى: فمن خاطب امرأتَه، فأفرد لها اسما من هذه الأسماء -: لزمه الطلاق؛ ولم يُنَوَّ فى الحُكْم، ونَوَّيْنَاه فيما بينه وبين اللّه عزوجل.. * * * وقال - فى قول اللّه عز وجل: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً} . -: إذا شارَفْنَ بلوغَ أجلهن، فراجعوهن بمعروف، أو دعوهن تنقضى عِدَدُهن بمعروف. ونهاهم: أن يُمسكوهن ضراراً:ليعتدوا؛ فلا يَحل إمساكُهن: ضرارا.. زاد على هذا، فى موضع آخرَ - هو عندى: بالإجازة عن أبى عبداللّه، بإسناده عن الشافعى. -:والعرب تقول للرجل -: إذا قارب البلدَ: يريده؛ أو الأمرَ: يريده -: قد بَلغتَه؛ وتقوله: إذا بلغه.فقوله فى المطلَّقات: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} : إذا قاربن بلوغَ أجلهن. فلا يؤمرُ بالإمساك، إلا: مَن كان يَحل له الإمساكُ فى العِدّة. وقولُه (عز وجل) فى المُتَوَفَّى عنها زوجُها: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِيۤ أَنْفُسِهِنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ} ؛ هذا:إذا قضَيْن أجلَهن.وهذا: كلام عربى؛ والآيتان يدلان: على افتراقهما بيِّناً: والكلامُ فيهما: مثلُ قوله (عز وجل) فى المتوفَّى عنها:{وَلاَ تَعْزِمُوۤاْ عُقْدَةَ ٱلنِّكَاحِ حَتَّىٰ يَبْلُغَ ٱلْكِتَابُ أَجَلَهُ} : حتى تنقضى عِدَّتُهَا، فيَحِلَّ نكاحُها.. * * *الإِذْنُ بِالْهِجْرَةِ (أنا) أبو سعيد، نا أبو العباس، أنا الربيع، قال: قال الشافعى (رحمه اللّه): وكان المسلمون مُسْتَضْعَفِينَ بمكةَ، زمانا: لم يؤذَنْ لهم فيه بالهجرةِ منها؛ ثم أذِنَ اللّه لهم بالهجرة، وجعل لهم مَخْرَجاً. في قال: نزلت: {وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّه يَجِدْ فِي ٱلأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً} وأمَرَهم: ببلاد الحَبَشَةِ. فهاجرتْ إليها منهم طائفةٌ. ثم دخل أهلُ المدينةِ فى الإسلام: فأمَرَ رسولُ اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) طائفةً - فهاجرتْ إليهم -: غيرَ محَرِّمٍ على من بقىَ، تركَ الهجرة. وذَكر اللّه (عز وجل) أهلَ الهجرةِ، ف قال: {وَٱلسَّابِقُونَ ٱلأَوَّلُونَ مِنَ ٱلْمُهَاجِرِينَ وَٱلأَنْصَارِ} ؛ قال: {لِلْفُقَرَآءِ الْمُهَاجِرِينَ} ؛ قال: {وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُواْ ٱلْفَضْلِ مِنكُمْ وَٱلسَّعَةِ أَن يُؤْتُوۤاْ أُوْلِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْمَسَاكِينَ وَٱلْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ ٱللّه} . قال: ثم أذِنَ اللّه لرسوله (صلى اللّه عليه وسلم): بالهجرةِ منها؛ فهاجر رسولُ اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) إلى المدينةِ.ولم يُحَرِّم فى هذا، على مَن بقىَ بمكةَ، المُقامَ بها -: وهى دارُ شركٍ. - وإن قَلُّوا: بأن يُفْتَنُوا. و لم يأذنْ لهم بجهاد. ثم أذِن اللّه (عز وجل) لهم: بالجهادِ؛ ثم فَرَض - بعد هذا - عليهم: أنْ يُهاجِروا من دارِ الشركِ. وهذا موضوعٌ فى غير هذا الموضع.. * * * قال الشافعى: قال اللّه عز وجل: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُواْ ذَوَي عَدْلٍ مِّنكُمْ}.فأمَرَ اللّه (جل ثناؤه) فى الطلاقِ والرَّجْعةِ: بالشهادةِ؛ وسَمَّى فيها: عَددَ الشهادةِ؛ فانتَهَى: إلى شاهدَيْنِ.فدَلّ ذلك: على أنَّ كمالَ الشهادةِ فى الطلاقِ والرَّجْعةِ: شاهدانِ لا نساءَ فيهما. لأنَّ شاهدَيْنِ لا يَحتَملُ بحالٍ؛ أنْ يكونا إلا رجُلَيْنِ.ودَلَّ أنى لم ألقَ مخالفاً:حفظتُ عنه -: من أهلِ العلم - أنَّ حراماً أنْ يُطلِّقَ: بغيرِ بَيِّنةٍ؛ على: أنه (واللّه أعلم): دَلالةُ اختيارٍ. واحتَمَلتْ الشهادةُ على الرَّجْعةِ-: من هذا. - ما احتَمَل الطلاقُ.. ثم ساق الكلامَ، إلى أنْ قال: والاختيارُ فى هذا، وفى غيرِه -: مما أُمِر فيه بالشهادةِ. -: الإشهادُ.. * * * (أنبأنى) أبو عبد اللّه (إجازةً): أن أبا العباس حدثهم: أنا الربيع، قال: قال الشافعى (رحمها للّه تعالى): قال اللّه تبارك وتعالى: {ٱثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ} ؛ وقال اللّه تعالى: {وَٱسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ مِّن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَٱمْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ ٱلشُّهَدَآءِ} .فكان الذى يَعرِفُ مَن خُوطِبَ بهذا، أنه أُريد به:الأحرارُ، المَرْضِيُّونَ، المسْلمون. من قِبَلِ: أنَّ رجالَنا ومَن نَرضَى: من أهل دِينِنا؛ لا: المشركون؛ لقطْعِ اللّه الوِلايةَ بيْننا وبيْنهم:بالدِّينِ. و: رجالَنا: أحرارُنا؛ لا: مَمَالِيكُنا؛ الذين: يَغلِبُهم مَن تَملّكَهم، على كثيرٍ: من أمورِهِم. و: أنَّا لا نَرضَى أهلَ الفِسقِ منا؛ و: أنَّ الرِّضَا إنما يَقَعُ على العُدُولِ منا؛ ولا يَقَعُ إلاَّ: على البالِغينَ؛ لأنه إنما خُوطِبَ بالفرائضِ: البالِغُون؛ دُونَ: مَن لم يَبلُغْ.. وبسَطَ الكلامَ فى الدَّلالةِ عليه. (أنا) أبو سعيد بنُ أبى عمرو، نا أبو العباس، أنا الربيع، قال: قال الشافعى (رحمه اللّه): فى قولِ اللّه عز وجل: {وَٱسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ مِّن رِّجَالِكُمْ}؛ إلى: {مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ ٱلشُّهَدَآءِ}، وقولِه تعالى: {وَأَشْهِدُواْ ذَوَي عَدْلٍ مِّنكُمْ} ؛ دَلالةٌ: على أنَّ اللّه (عز وجل) إنما عَنَى: المسْلمين؛ دُونَ غيرِهم. ثم ساقَ الكلامَ، إلى أنْ قال: ومَن أجازَ شهادةَ أهلِ الذِّمَّةِ، فأعْدَلُهُم عندَه: أعظَمُهُم باللّه شِرْكاً: أسْجَدُهم للصَّليبِ، وألْزَمُهُم للكَنيسةِ.فإنْ قال قائلٌ: فإنَّ اللّه (عز وجل) يقولُ: {حِينَ ٱلْوَصِيَّةِ ٱثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} ؛ أىْ مِن غيرِ أهلِ دِينِكُم. قال الشافعى: فقد سمِعتُ مَن يَتَأَوَّلُ هذه الآيةَ، على: مِن غيرِ قَبِيلتِكم: من المسْلمين.. قال الشافعى: والتنزيلُ (واللّه أعلم) يدُلُّ على ذلك: لقولِ اللّه تعالى: {تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ ٱلصَّلاَةِ} ؛ والصلاةُ المُوَقَّتَةُ:للمسْلمين. ولقولِ اللّه تعالى: {فَيُقْسِمَانِ بِٱللّه إِنِ ٱرْتَبْتُمْ لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ} ؛ وإنما القَرابَةُ: بيْن المسْلمين الذين كانوا معَ النبيِّ (صلى اللّه عليه وسلم): من العرَبِ؛ أوْ: بيْنهم وبيْن أهلِ الأوْثانِ. لا: بيْنهم وبيْن أهلِ الذِّمَّةِ. وقولِ اللّه: {وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ ٱللّه إِنَّآ إِذَاً لَّمِنَ ٱلآَثِمِينَ} ؛ فإنما يَتَأثَّمُ من كِتْمانِ الشهادةِ للمسْلمين: المسْلمون؛ لا: أهلُ الذِّمَّةِ. قال الشافعى: وقد سمِعتُ مَن يَذكُرُ: أنها منسوخةٌ بقولِ اللّه عز وجل: {وَأَشْهِدُواْ ذَوَي عَدْلٍ مِّنكُمْ} ؛ واللّه أعلم. ثم جَرَى فى سِياقِ كلامِ الشافعىِّ (رحمه اللّه) أنه قال: قلتُ له: إنما ذَكَر اللّه هذه الآيةَ: فى وصِيَّةِ مسْلمٍ: أفَتُجِيزُها: فى وصِيّةِ مسْلمٍ فى السفَرِ؟. قال: لا. قلتُ: أوَ تُحَلِّفُهُم: إذا شهِدُوا.؟. قال: لا قلتُ: ولِمَ: وقد تَأوَّلْتَ: أنها فى وصِيَّةِ مسْلمٍ.؟!. قال: لأنها مَنسُوخةٌ قلت: فإنْ نُسِخَتْ فيما أُنزِلَتْ فيه -: فلِمَ تُثْبِتُها فيما لم تُنْزَلْ فيه؟!.. وأجاب الشافعىُّ (رحمه اللّه) - عن الآيةِ -: بجواب آخَرَ؛ على ما نُقِل عن مُقاتِل بن حَيَّانَ، وغيرِه: فى سببِ نزولِ الآيةِ. وذلك: فيما أخبرَنا أبو سعيد بنُ أبى عمرو، قال: نا أبو العباس، أنا الربيع، أنا الشافعى: أخبرنى أبو سعيدٍ: مُعاذُ بن موسى الجَعْفَرِىُّ؛ عن بُكَيْرِ بن مَعروفٍ، عن مُقاتلِ بن حَيَّانَ (قال بُكَيْرٌ: قال مُقاتلٌ: أخذتُ هذا التفسير، عن: مُجاهدٍ، والحسنِ، والضَّحَّاكِ.) -: فى قولِ اللّه عز وجل: {ٱثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ}؛ الآيةَ. -: أنَّ رجليْنِ نَصْرانِيَّيْنِ من أهلِ دَارينَ؛ أحدُهما: تَمِيمىٌّ؛ والآخَرث يَمَانيٌّ؛ (وقال غيرُه: من أهلِ دَارِينَ؛ أحدُهما: تميمٌ؛ والآخَرُ: عَدِىٌّ.) -: صَحبَهما مَوْلًى لقُرَيْشٍ فى تجارةٍ، فركِبُوا البحرَ: ومعَ القُرَشِىِّ مالٌ معلومٌ، قد علِمه أولياؤه - من بيْنِ آنِيَةٍ، وبَزٍ، ورِقَةٍ . - فمرِض القُرَشِىُّ: فجَعَل وصِيّتَه إلى الدَّارِيَّيْنِ؛ فمات، وقبَض الداريَّان المالَ والوصِيّةَ: فدَفَعاه إلى أوْلياءِ الميِّتِ، وجاءا ببعضِ مالِه. فأنكرَ القومُ قِلَّةَ المالِ، فقالوا للدَّارِيّيْنِ: إنَّ صاحِبَنا قد خرَج: ومعه مالٌ أكثرُ مما أتيْتُمُونا به؛ فهل باع شيئاً، أو اشتَرَى شيئاً: فوَضَع فيه؛ أو هل طال مرضُه: فأنفقَ على نفسهِ؟. قالا: لا. قالوا: فإنكما خُنتُمُونا فقبَضُوا المالَ، ورفَعُوا أمْرَهما إلى النبىِّ (صلى اللّه عليه وسلم): فأنزل اللّه تعالى: {يِا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ}؛ إلى آخِرِ الآيةِ. فلمَّا نزَلتْ: {تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ ٱلصَّلاَةِ}: أمَرَ النبىُّ (صلى اللّه عليه وسلم) الدَّارِيَّيْنِ؛ فقاما بعدَ الصلاةِ، فحَلَفا باللّه رَبِّ السموَاتِ: ما تَرَك موْلاكُم: من المالِ، إلاَّ ما أتَيْناكم به؛ وإنَّا لا نشترِى بأيْمانِنا ثمناً قليلاً: من الدُّنْيا؛ {وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ ٱللّه إِنَّآ إِذَاً لَّمِنَ ٱلآَثِمِينَ}. فلَمَّا حَلَفا: خُلِّىَ سبيلُهما. ثم: إنهم وجَدُوا - بعد ذلك - إناءً: من آنِيةِ الميِّتِ؛ فأُخِذَ الدَّارِيَّان، فقالا: اشترَيْناه منه فى حياتِه؛ وكذَبا؛ فكُلِّفا البَيِّنةَ: فلم يَقدِرا عليها. فرُفِعَ ذلك إلى النبىِّ (صلى اللّه عليه وسلم): فأنزلَ اللّه عزوجل: {فَإِنْ عُثِرَ}؛ يقول: فَإنْ اطُّلِعَ {عَلَىٰ أَنَّهُمَا ٱسْتَحَقَّآ إِثْماً} يعنى: الدّارِيَّيْنِ؛ أىْ: كَتَما حَقّاً؛ {فَآخَرَانِ}: من أوْلياءِ الميِّتِ؛ {يِقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِٱللّه}: فيَحلِفانِ باللّه: إنَّ مالَ صاحبِنا كان كذا وكذا؛ وإنّ الذى نَطلُبُ -: قِبَلَ الدّاريَّيْنِ. -لَحَقٌّ؛ {وَمَا ٱعْتَدَيْنَآ إِنَّا إِذاً لَّمِنَ ٱلظَّالِمِينَ} . فهذا: قولُ الشاهِدَيْنِ أوْلياءِ الميِّت: {ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يَأْتُواْ بِٱلشَّهَادَةِ عَلَىٰ وَجْهِهَآ} ؛ يَعنى:الدّارِيّيْنِ والناسَ؛ أنْ يَعُودُوا لِمثْلِ ذلك. قال الشافعى: يَعنى: مَن كان فى مِثْلِ حالِ الدّارِيّيْنِ: من الناس. ولا أعلمُ الآيةَ تَحتَمِلُ معنًى: غيرَ جُمْلَةِ ما قال.وإنما معنى{شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ}: أيْمانُ بيْنِكم؛ كما سُمِّيَتْ أيْمانُ المُتَلاعِنَيْنِ: شهادةً، واللّه تعالى أعلم.. وبسَطَ الكلامَ فيه، إلى أنْ قال: وليس فى هذا: رَدُّ اليمين، إنما كانتْ يمينُ الدَّارِيَّيْنِ: على ما ادَّعى الورَثةُ: من الخيانةِ: ويمينُ ورَثةِ الميِّتِ: على ما ادّعى الدّارِيَّانِ: أنه صار لهما مِن قِبَلِه.وقولُه عز وجل: {أَن تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ} ، فذلك (واللّه أعلم): أنّ الأيْمانَ كانتْ عليهم:بدَعْوَى الورثةِ: أنهم اخْتانُوا؛ ثم صار الورَثةُ حالِفينَ: بإقْرارِهم: أنَّ هذا كان للميِّت، وادِّعَائهم شِراءَه منه. فجاز: أنْ يُ قالَ: {أَن تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ}: تُثَنَّى عليهم الأيْمانُ. بما يَجِبُ عليهم إنْ صارتْ لهم الأيْمانُ؛ كما يَجبُ على مَن حَلَف لهم.وذلك قوله - واللّه أعلم -: {يِقُومَانِ مَقَامَهُمَا}. فيُحْلَفَانِ كما أُحْلِفا.وإذا كان هذا كما وَصَفْتُ: فليْستْ هذه الآيةُ: ناسِخةً، ولا مَنسُوخةً.. قال الشيخ: وقد روَيْنا عن ابن عباس، ما دَلَّ: على صحةِ ما قال مُقاتلُ بن حَيَّانَ. ويَحتَمِلُ: أنْ يكونَ المرادُ بقوله تعالى:{شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ حِينَ ٱلْوَصِيَّةِ ٱثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ} -: الشهادةَ نفسَها. وهو: أنْ يكونَ للمُدَّعِى اثْنانِ ذَوَا عدْلٍ -: من المسلمين. - يَشهَدان لهم بما ادَّعَوْا على الدّارِيّيْنِ. من الخِيانةِ. ثم قال: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ}؛ يَعنى: إذا لم يكنْ للمُدَّعِينَ: منكم؛ بَيِّنةٌ -: فآخَرَانِ: من غيرِكم؛ يَعنى: فالدّارِيّان - اللّذانِ ادُّعِى عليهما. - يُحْبَسانِ من بعدِ الصلاةِ. {فَيُقْسِمَانِ بِٱللّه}؛ يعنى. يَحْلِفَانِ على إنكارِ ما ادُّعِىَ عليهما؛ على ما حكاه مُقاتلٌ، واللّه أعلم. (أنا) أبو سعيدٍ، نا أبو العباس، أنا الربيع، قال: قال الشافعي: والحُجَّةُ فيما وَصفْتُ -: من أنْ يُسْتَحْلَفَ الناسُ: فيما بيْن البَيْتِ والمَقامِ، وعلى مِنْبَرِ رسولِ اللّه (صلى اللّه عليه وسلم)، وبعدَ العصْرِ. -: قولُه تبارك وتعالى: {تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ ٱلصَّلاَةِ فَيُقْسِمَانِ بِٱللّه} ؛ وقال المفسِّرون: هى صلاةُ العصرِ.. ثم ذَكَر. شهادةَ المُتَلاعِنَيْن، وغيرَها. |
﴿ ٢ ﴾