١٦٨يا أيها الناس . . . . . الحلال : مقابل الحرام ومقابل المحرم . يقال شيء حلال : أي سائغ الانتفاع به ، وشيء حرام : ممنوع منه ، ورجل حلال : أي ليس بمحرم . قيل : وسمي حلالاً لانحلال عقد المنع منه ، والفعل منه حتى يحل ، بكسر الحاء في المضارع ، على قياس الفعل المضاعف اللازم . ويقال : هذا حل ، أي حلال ، ويقال : حل بل على سبيل التوكيد ، وحل بالمكان : نزل به ، ومضارعه جاء بضم الحاء وكسرها ، وحل عليه الدين : حان وقت أدائه . الخطوة ، بضم الخاء : ما بين قدمي الماشي من الأرض ، والخطوة ، بفتحها : المرة من المصدر . يقال : خطا يخط خطواً : مشى . ويقال : هو واسع الخطو . فالخطوة بالضم ، عبارة عن المسافة التي يخطو فيها ، كالغرفة والقبضة ، وهما عبارتان عن الشيء المعروف والمقبوض ، وفي جمعها بالألف والياء لغي ثلاث : إسكان الطاء كحالها في المفرد ، وهي لغة تميم وناس من قيس ، وضمة الطاء اتباعاً لضمة الخاء ، وفتح الطاء . ويجمع تكسيراً على خطى ، وهو قياس مطرد في فعلة الاسم . الفحشاء : مصدر كالبأساء ، وهو فعلاء من الفحش ، وهو قبح المنظر ، ومنه قول امرىء القيس : وجيد كجيد الريم ليس بفاحش إذا هي نصته ولا بمعطل ثم توسع فيه حتى صار يستعمل فيما يستقبح من المعاني . ألفى : وجد ، وفي تعديها إلى مفعولين خلاف ، ومن منع جعل الثاني حالاً ، والأصح كونه مفعولاً لمجيئه معرفة ، وتأويله على زيادة الألف واللام على خلاف الأصل . النعيق : دعاء الراعي وتصويته بالغنم ، قال الشاعر : فانعق بضأنك يا جرير فإنما منتك نفسك في الخلاء ضلالا ويقال : نعق المؤذن ، ويقال : نعق بتعق نعيقاً ونعاقاً ونعقاً ، وأما نغق الغراب ، فبالغين المعجمة . وقيل أيضاً : يقال بالمهملة في الغراب . النداء : مصدر نادى ، كالقتال مصدر قاتل ، وهو بكسر النون ، وقد يضم . قيل : وهو مرادف للدعاء ، وقيل : مختص بالجهر ، وقيل : بالبعد ، وقيل : بغير المعين . ويقال : فلان أندى صوتاً من فلان ، أي أقوى وأشد وأبعد مذهباً . اللحم : معروف . يقال : لحم الرجل لحامه ، فهو لحيم : ضخم . ولحم يلحم ، فهو لحم : اشتاق إلى اللحم . ولحم الناس يلحمهم : أطعمهم اللحم ، فهو لاحم . وألحم ، فهو ملحم : كثر عنده اللحم . الخنزير : حيوان معروف ، ونونه أصلية ، فهو فعليل . وزعم بعضهم أن نونه زائدة ، وأنه مشتق من خزر العين ، لأنه كذلك ينظر . يقال : تخازر الرجل : ضيق جفنه ليحدد النظر ، والخزر : ضيق العين وصغرها ، ويقال : رجل أخزر : بين الخزر . وقيل : هو النظر بمؤخر العين ، فيكون كالتشوش . الإهلال : رفع الصوت ، ومنه الإهلال بالتلبية ، ومنه سمي الهلال لارتفاع الصوت عند رؤيته ، ويقال : أهل الهلال واستهل ، ويقال : أهل بكذا : رفع صوته . قال ابن أحمر : يهل بالفدفد ركباننا كما يهل الراكب المعتمر وقال النابغة : أو درة صدفية غوّاصها بهج متى تره يهل ويسجد ومنه : إهلال الصبي واستهلاله ، وهو صياحه عند ولادته . وقال الشاعر : يضحك الذئب لقتلي هذيل وترى الذئب لها يستهل البطن : معروف ، وجمعه على فعول قياس ، ويجمع أيضاً على بطنان ، ويقال : بطن الأمر يبطن ، إذا خفي . وبطن الرجل ، فهو بطين : كبر بطنه . والبطنة : امتلاء البطن بالطعام . ويقال : البطنة تذهب الفطنة . {النَّارِ يأَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِى الاْرْضِ حَلَالاً طَيّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُواتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } : هذا ثاني نداء وقع في سورة البقرة بقوله : يا أيها الناس ، ولفظه عام . قال الحسن : نزلت في كل من حرم على نفسه شيئاً لم يحرمه اللّه عليه . وروي الكلبي ومقاتل وغيرهما : أنها نزلت في ثقيف وخزاعة وبني الحارث بن كعب ، قاله النقش . وقيل : في ثقيف وخزاعة وعامر بن صعصعة . قيل : وبني مدلج ، حرموا على أنفسهم من الحرث والأنعام ، وحرموا البحيرة والسوائب والوصيلة والحام . فإن صح هذا ، كان السبب خاصاً واللفظ عاماً ، والعبرة بعموم اللفظ لا يخصوص السبب . ومناسبة هذا لما قبله ، أنه لما بين التوحيد ودلائله ، وما للتائبين والعاصين ، أتبع ذلك بذكر إنعامه على الكافر والمؤمن ، ليدل أن الكفر لار يؤثر في قطع الأنعام . وقال المروزي : لما حذر المؤمنين من حال من يصير عمله عليه حسرة ، أمرهم بأكل الحلال ، لأن مدار الطاعة عليه . كلوا : أمر إباحة وتسويغ ، لأنه تعالى هو الموجد للأشياء ، فهو المتصرف فيها على ما يريد . مما في الأرض ، من : تبعيضية ، وما : موصولة ، ومن : في موضع المفعول ، نحو : أكلت من الرغيف ، وحلالاً : حال من الضمير المتسقر في الصلة المنتقل من العامل فيها إليه . وقال مكي بن أبي طالب : حلالاً : نعت لمفعول تقديره محذوف تقديره شيئاً حلالاً ، قال ابن عطية : وهذا بعيد ولم يبين وجه بعده ، وبعده أنه مما حذف الموصوف ، وصفته غير خاصة ، لأن الحلال يتصف به المأكول وغير المأكول . وإذا كانت الصفة هكذا ، لم يجز حذف الموصوف وإقامتها مقامه . وأجاز قوم أن ينتصب حلالاً على أنه مفعول بكلوا ، وبه ابتدأ الزمخشري . ويكون على هذا الوجه من لابتداء الغاية متعلقة بكلوا ، أو متعلقة بمحذوف ، فيكون حالاً ، والتقدير : كلوا حلالاً مما في الأرض . فلما قدمت الصفة صارت حالاً ، فتعلقت بمحذوف ، كما كانت صفة تتعلق بمحذوف . و قال ابن عطية : مقصد الكلام لا يعطي أن تكون حلالاً مفعولاً بكلوا ، تأمل . انتهى . طيباً : انتصب صفة لقوله : حلالاً ، إما مؤكدة لأن معناه ومعنى حلالاً واحد ، وهو قول مالك وغيره ، وإما مخصصة لأن معناه مغاير لمعنى الحلال وهو المستلذ ، وهو قول الشافعي وغيره . ولذلك يمنع أكل الحيوان القذر وكل ما هو خبيث . وقيل : انتصب طيباً على أنه نعت لمصدر محذوف ، أي أكلاً طيباً ، وهو خلاف الظاهر . و قال ابن عطية : ويصح أن يكون طيباً حالاً من الضمير في كلوا تقديره : مستطيبين ، وهذا فاسد في اللفظ والمعنى . أما اللفظ فلأن طيباً اسم فاعل وليس بمطابق للضمير ، لأن الضمير جمع ، وطيب مفرد ، وليس طيب بمصدر ، فيقال : لا يلزم المطابقة . وأما المعنى : فلأن طيباً مغاير لمعنى مستطيبين ، لأن الطيب من صفات المأكول ، والمستطيب من صفات الآكل . تقول : طاب لزيد الطعام ، ولا تقول : طاب زيد الطعام ، في معنى استطابة . وقال الزمخشري في قوله طيباً : طاهراً من كل شبهة . وقال السجاوندي : حلالاً مطلق الشرع ، طيباً مستلذ الطبع . وقال في المنتخب ما ملخصه : الحلال : الذي انحلت عنه عقدة الخطر ، إما لكونه حراماً لجنسه كالميتة ، وإما لا لجنسه كملك الغير ، إذ لم يأذن في أكله . والطيب لغة الطاهر ، والحلال يوصف بأنه طيب ، كما أن الحرام يوصف بأنه خبيث ، والأصل في الطيب ما يستلذ ، ووصف به الطاهر والحلال على جهة التشبيه ، لأن النجس تكرهه النفس ، والحرام لا يستلذ ، لأن الشرع منه . انتهى . والثابت في اللغة : أن الطيب هو الطاهر من الدنس . قال : والطيبون معاقد الأزر وقال آخر ولي الأصل الذي في مثله يصلح الآبر زرع المؤتبر طيبوا الباءة سهل ولهم سبل إن شئت في وحش وعر وقال الحسن : الحلال الطيب : هو ما لا يسئل عنه يوم القيامة . وقال ابن عباس : الحلال الذي لا تبعة فيه في الدنيا ولا وبال في الآخرة . وقيل : الحلال ما يجوزه المفتي ، والطيب ما يشهد له القلب بالحل . وقد استدل من قال بأن الأصل في الأشياء الحظر بهذه الآية ، لأن الأشياء ملك اللّه تعالى ، فلا بد من إذنه فيما يتناول منها ، وما عدا ما لم يأذن فيه يبقى على الحظر . وظاهر الآية أن ما جمع الوصفين الحل والطيب مما في الأرض ، فهو مأذون في أكله . أما تملكه والتصدق به ، أو ادخاره ، أو سائر الانتفاعات به غير الأكل ، فلا تدل عليه الآية . فإما أن يجوز ذلك بنص آخر ، أو إجماع عند من لا يرى القياس ، أو بالقياس على الأكل عند من يقول بالقياس . {وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُواتِ الشَّيْطَانِ } وقرأ ابن عامر والكسائي وقنبل وحفص وعباس ، عن أبي عمرو والبرجمي ، عن أبي بكر : بضم الخاء والطاء وبالواو . وقرأ باقي السبعة : بضم الخاء وإسكان الطاء وبالواو . وقرأ أبو السمال : خطوات ، بضم الخاء وفتح الطاء وبالواو . وقد تقدم أن هذه لغى ثلاث في جمع خطوة . ونقل ابن عطية والسجاوندي أن أبا السمال قرأ : خطوات ، بفتح الخاء والطاء وبالواو ، جمع خطوة ، وهي المرة من الخطو . وقرأ علي وقتادة والأعمش وسلام : خطؤات ، بضم الخاء والطاء والهمزة ، واختلف في توجيه هذه القراءة فقيل : الهمزة أصل ، وهو من الخطأ جمع خطأة ، إن كان سمع ، وإلا فتقديراً . وممن قال إنه من الخطأ أبو الحسن الأخفش ، وفسره مجاهد خطاياه ، وتفسيره يحتمل أن يكون فسر بالمرادف ، أو فسر بالمعنى . وقيل : هو جمع خطوة ، لكنه توهم ضمة الطاء أنها على الواو فهمز ، لأن مثل ذلك قد يهمز . قال معناه الزمخشري : والنهي عن اتباع خطوات الشيطان كناية عن ترك الاقتداء به ، وعن اتباع ما سنّ من المعاصي . يقال : اتبع زيد خطوات عمرو ووطىء على عقبيه ، إذ سلك مسلكه في أحواله . قال ابن عباس : خطواته أعماله . وقال مجاهد : خطاياه . وقال السدي : طاعته . وقال أبو مجلز : النذور في المعاصي . وقيل : ما ينقلهم إليه من معصية إلى معصية ، حتى يستوعبوا جميع المعاصي ، مأخوذ من خطو القدم من مكان إلى مكان . وقال الزجاج وابن قتيبة : طرقه . وقال أبو عبيدة : محقرات الذنوب . وقال المؤرّخ آثاره وقال عطاء : زلاته ، وهذه أقوال متقاربة المعنى صدرت من قائلها على سبيل التمثيل . والمعنى بها كلها النهي عن معصية اللّه ، وكأنه تعالى لما أباح لهم الأكل من الحلال الطيب ، نهاهم عن معاصي اللّه وعن التخطي إلى أكل الحرام ، لأن الشيطان يلقي إلى المرء ما يجري مجرى الشبهة ، فيزين بذلك ما لا يحل ، فزجر اللّه عن ذلك . والشيطان هنا إبليس ، والنهي عنا عن اتباع كل فرد فرد من المعاصي ، لا أن ذلك يفيد الجمع ، فلا يكون نهياً عن المفرد . {إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } : تعليل لسبب هذا التحذير من اتباع الشيطان ، لأن من ظهرت عداوته واستبانت ، فهو جدير بأن لا يتبع في شيء وأن يفرّ منه ، فإنه ليس له فكر إلا في إرداء عدوه . |
﴿ ١٦٨ ﴾