٢٠٩فإن زللتم من . . . . . {فَإِن زَلَلْتُمْ مّن بَعْدِ مَا جَاءتْكُمُ الْبَيّنَاتُ } أي : عصيتم أو كفرتم ، أو أخطأتم ، أو ضللتم ، أقوال ثانيها عن ابن عباس وهو الظاهر لقوله : ادخلوا في السلم ، أي الإسلام ، فإن زللتم عن الدخول فيه ، وأصل الزلل للقدم ، يقال : زلت قدمه ، كما قال . ولا شامت إن نعل عزة زلت ثم يستعمل في الرأي والإعتقاد ، وهو الزلق ، وقد تقدم شيء من تفسير في قوله :{ فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا} وقرأ أبو السماك : فإن زللتم ، بكسر اللام ، وهما لغتان : كضللت وضللت . والبينات : حجج اللّه ودلائله ، أو محمد صلى اللّه عليه وسلم ، كما قال :{ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيّنَةُ رَسُولٌ مّنَ اللّه } وجمع تعظيماً له ، لأن وإن كان واحداً بالشخص ، فهو كثير بالمعنى : أو القرآن قاله ابن جريج ، أو التوراة والإنجيل قال :{ وَلَقَدْ جَاءكُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ } وقال { وَلَقَدْ ءاتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا } وهذا يتخرج على قول من قال : إن المخاطب أهل الكتاب ، أو الإسلام ، أو ما جاء به رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من المعجزات ، أقوال ستة . وفي { المتخب} البينات : تتناول جميع الدلائل العقلية والسمعية من حيث إن عذر المكلف لا يزول إلاَّ عند حصول البينات ، لا حصول التبيين من التكليف . انتهى كلامه . والدلائل العقلية لا يخبر عنها بالمجيء لأنها مركوزة في العقول ، فلا ينسب إليها المجيء إلاَّ مجازاً ، وفيه بُعد . {فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّه عَزِيزٌ حَكِيمٌ } أي : دوموا على العلم ، إن كان الخطاب للمؤمين ، وإن كان للكافرين أو المنافقين فهو أمر لهم بتحصيل العلم بالنظر الصحيح المؤدي إليه ، وفي وصفه هنا بالعزة التي هي تتضمن الغلبة والقدرة اللتين يحصل بهما الانتقام ، وعيد شديد لمن خالفه وزل عن منهج الحق ، وفي وصفه بالحكمة دلالة على إتقان أفعاله : وأن ما يرتبه من الزاوجر لمن خالف هو من مقتضى الحكمة ، وروي أن قارئاً قرأ ، غفور رحيم ، فسمعه أعرابي فأنكره ، ولم يكن يقرأ القرآن ، وقال : إن كان هذا كلام اللّه فلا يقول كذا ، الحكيم ، لا يذكر الغفران عند الزلل ، لأنه إغراء عليه ، وقد روي عن كعب نحو هذا ، وأن الذي كان يتعلم منه أقرأه : فاعلموا أن اللّه غفور رحيم ، فأنكره حتى سمع :{ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } فقال : هكذا ينبغي . |
﴿ ٢٠٩ ﴾