٢٧٨يا أيها الذين . . . . . قيل : نزلت في بني عمرو بن عمير من ثقيف ، كانت لهم ديون ربا على بني المغيرة من بني مخزوم ، وقيل : في عباس ، وقيل : في عثمان ، وقال السدّي : في عباس ، وخالد بن الوليد ، وكانا شريكين في الجاهلية يسلفان في الربا ، وملخصه أنهم أرادوا أن يتقاضوا رباهم ، فنزلت . ولما تقدّم قوله : { فَلَهُ مَا سَلَفَ } وكان المعنى : فله ما سلف قبل التحريم ، أي : لا تبعة عليه فيما أخذه قبل التحريم ، واحتمل أن يكون قوله : ما سلف ، أي : ما تقدّم العقد عليه ، فلا فرق بين المقبوض منه وبين ما في الذمة ، وإنما يمنع إنشاء عقد ربوي بعد التحريم ، أزال تعالى هذا الإحتمال بأن أمر بترك ما بقي من الربا في العقود السابقة ، قبل التحريم ، وأن ما بقي في الذمة من الربا هو كالمنشأ بعد التحريم ، وناداهم بإسم الإيمان تحريضاً لهم على قبول الأمر بترك ما بقي من الربا ، وبدأ أولاً بالأمر بتقوى اللّه ، إذ هي أصل كل شيء ، ثم أمر ثانياً بترك ما بقي من الربا . وفتحت عين : وذروا ، حملاً على : دعوا ، وفتحت عين : دعوا ، حملاً على : يدع ، وفتحت في يدع ، وقياسها الكسر ، إذ لامه حرف حلق وقرأ الحسن : ما بقا ، بقلب الياء ألفاً ، وهي لغة لطيء ، ولبعض العرب . وقال علقمة بن عبدة التميمي : زها الشوق حتى ظل إنسان عينه يفيض بمغمور من الماء متأق وروي عنه أيضاً أنه قرأ : ما بقي ، باسكان الياء وقال الشاعر : لعمرك ما أخشى التصعلك ما بقي على الأرض قيسيّ يسوق الأباعرا وقال جرير : هو الخليفة فارضوا ما رضى لكم ماضي العزيمة ما في حكمه جنف {إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } تقدّم أنهم مؤمنون بخطاب اللّه تعالى لهم :{ ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ } وجمع بينهما بأنه شرط مجازي على جهة المبالغة ، كما تقول لمن تريد إقامة نفسه : إن كنت رجلاً فافعل كذا قاله ابن عطية ، أو بأن المعنى : إن صح إيمانكم ، يعني أن دليل صحة الإيمان وثباثه امتثال ما أمرتم به من ذلك ، قاله الزمخشري ، وفيه دسيسه اعتزال ، لأنه إذا توقفت صحة الإيمان على ترك هذه المعصية فلا يجامعها الصحة مع فعلها ، وإذا لم يصح إيمانه لم يكن مؤمناً ، وهو قول البعض النحويين ، أن : إن ، تكون بمعنى : إذ ، وهو ضعيف مردود ولا يثبت في اللغة ، وقيل : هو شرط يراد به الاستدامة ، وقيل : يراد به الكمال ، وكأن الإيمان لا يتكامل إذا أصرّ الإنسان على كبيرة ، وإنما يصير مؤمناً بالإطلاق إذا اجتنب الكبائر ، هذه وإن كانت الدلائل قد قامت على أن حقيقة الإيمان لا يدخل العمل في مسماها ، وقيل : الإيبمان متغاير بحسب متعلقه ، فمعنى الأول :{ ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ } بألسنتهم . ومعنى الثاني :{ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } بقلوبكم . وقيل : يحتمل أن يريد : يا أيها الذي آمنوا بمن قبل ، محمد صلى اللّه عليه وسلم من الأنبياء ، ذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين بمحمد ، إذ لا ينفع الأول إلاَّ بهذا ، قاله ابن فورك . قال ابن عطية : وهو مردود بما روي في سبب الآية . إنتهى . يعني أنها نزلت في عباس ، وعثمان ، أو في عباس ، وخالد ، أو فيمن أسلم من ثقيف ولم يكونوا هؤلاء قبل الإيمان آمنوا بأنبياء ، وقيل : هو شرط محض في ثقيف على بابه ، لأنه كان في أول دخولهم في الإسلام . إنتهى . وعلى هذا ليس بشرط صحيح إلاَّ على تأويل استدامة الإيمان ، وذكر ابن عطية : أن أبا السماك ، وهو العدوي ، قرأ هنا : من الرِّبو ، بكسر الراء المشدّدة وضم الباء وسكون الواو ، وقد ذكرنا قراءته كذلك في قوله : { الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرّبَوااْ } وشيئاً من الكلام عليها . وقال أبو الفتح : شذ هذا الحرف في أمرين ، أحدهما : الخروج من الكسر إلى الضم بناءً لازماً ، والآخر : وقوع الواو بعد الضمة في آخر الأسم ، وهذا شيء لم يأت إلاَّ في الفعل ، نحو : يغزو ، ويدعو . وأماذو ، الطائية بمعنى : الذي فشاذة جداً ، ومنهم من يغير واوها إذا فارق الرفع ، فتقول : رأيت ذاقام . وجه القراءة أنه فخم الألف انتحى بها الواو التي الألف بدل منها على حد قولهم : الصلاة والزكاة وهي بالجملة قراءة شاذة . إنتهى كلام أبي الفتح . ويعني بقوله : بناءً لازماً ، أنه قد يكون ذلك عارضاً نحو : الحبك ، فكسرة الحاء ليست لازمة ، ومن قولهم الردؤ ، في الوقف ، فضمة الدال ليست لازمة ، ولذلك لم يوجد في أبنية كلامهم فعل لا في اسم ولا فعل ، وأما قوله : وهذا شيء لم يأت إلاَّ في الفعل ، نحو : يغزو ، فهذا كما ذكر إلاَّ أنه جاء ذلك في الأسماء الستة في حالة الرفع ، فله أن يقول : لما لم يكن ذلك لازماً في النصب والجر ، لم يكن ناقصاً لما ذكروا ، ونقول : إن الضمة التي فيما قبل الآخر إما هي للاتباع ، فليس ضمة تكون في أصل بنية الكلمة كضمة تغزو . |
﴿ ٢٧٨ ﴾