٥إن اللّه لا . . . . . {إِنَّ اللّه لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ شَىْء فِي الاْرْضِ وَلاَ فِى السَّمَاء هُوَ الَّذِي يُصَوّرُكُمْ فِي الاْرْحَامِ كَيْفَ يَشَاء } شيء نكرة في سياق النفي ، فتعم ، وهي دالة على كمال العلم بالكليات والجزئيات ، وعبر عن جميع العالم بالأرض والسماء ، إذ هما أعظم ما نشاهده ، والتصوير على ما شاء من الهيئات دال على كمال القدرة ، وبالعلم والقدرة يتم معنى القيومية ، إذ هو القائم بمصالح الخلق ومهماتهم ، وفي ذلك ردّ على النصارى ، إذ شبهتهم في إدعاء إلهية عيسى كونه : يخبر بالغيوب ، وهذا راجع إلى العلم ، وكونه : يحيي الموتى ، وهو راجع إلى القدرة . فنبهت الآية على أن الإله هو العالم بجميع الأشياء ، فلا يخفي عليه شيء ، ولا يلزم من كون عيسى عالماً ببعض المغيبات أن يكون إلها ، ومن المعلوم بالضرورة أن عيسى لم يكن عالماً بجميع المعلومات ، ونبهت على أن الإله هو ذو القدرة التامة ، فلا يمتنع عليه شيء ، ولا يلزم من كون عيسى قادراً على الإحياء في بعض الصور أن يكون إلهاً ، ومن المعلوم بالضرورة أن عيسى لم يكن قادراً على تركيب الصور وإحيائها ، بل إنباؤه ببعض المغيبات ، وخلقه وأحياؤه بعض الصور ، إنما كان ذلك بإنباء اللّه له على سبيل الوحي ، وإقداره تعالى له على ذلك ، وكلها على سبيل المعجزة التي أجراها ، وأمثالها ، على أيدي رسله . وفي الذكر التصوير في الرحم ردّ على من زعم أن عيسى إله ، إذ من المعلوم بالضرورة أنه صور في الرحم . وقيل : في قوله { لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ شَىْء } تحذير من مخالفته سراً وجهراً ، ووعيد بالمجازاة وقيل : المعنى شيء مما يقولونه في أمر عيسى عليه السلام . وقال الزمخشري : مطلع على كفر من كفر ، وإيمان من آمن ، وهو مجازيهم عليه . وقال الماتريدي : لا يخفى عليه شيء من الأمور الخفية عن الخلق ، فكيف تخفي عليه أعمالكم التي هي ظاهرة عندكم ؟ وكل هذه تخصيصات . واللفظ عام ، فيندرج فيه هذا كله . وقال الراغب : لا يخفى عليه شيء ، أبلغ من : يعلم في الأصل ، وإن كان استعمال اللفظين فيه يفيدان معنى واحداً . |
﴿ ٥ ﴾