٢٤

ذلك بأنهم قالوا . . . . .

{ذالِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّامًا مَّعْدُوداتٍ } الإشارة بذلك إلى التولي ، أي : ذلك التولي بسبب هذه الأقوال الباطلة ، وتسهيلهم على أنفسهم العذاب ، وطمعهم في الخروج من النار بعد أيام قلائل .

وقال الزمخشري : كما طمعت الجبرية والحشوية .

{وَغَرَّهُمْ فِى دِينِهِم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } من أن آباءهم الأنبياء يشفعون لهم ، كما غرى أولئك بشفاعة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في كبائرهم . إنتهى كلامه . وهو على عادته من اللّهج بسب أهل السنة والجماعة ، ورميهم بالتشبيه ، والخروج إلى الطعن عليهم بأي طريق أمكنه .

وتقدّم تفسير هذه : الأيام المعدودات ، في سورة البقرة فأغنى عن إعادته هنا ، إلاَّ أنه جاء هناك : معدودة ، وهنا : معدودات ، وهما طريقان فصيحان تقول : جبال شامخة ، وجبال شامخات . فتجعل صفة جمع التكسير للمذكر الذي لا يعقل تارة لصفة الواحدة المؤنثة ، وتارة لصفة المؤنثات . فكما تقول : نساء قائمات ، كذلك تقول : جبال راسيات ، وذلك مقيس مطرد فيه .

{وَغَرَّهُمْ فِى دِينِهِم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } قال مجاهد : الذي افتروه هو قولهم :{ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّامًا مَّعْدُوداتٍ } وقال قتادة : بقولم : نحن أبناء اللّه وأحباؤه .

وقيل :{ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى}

وقيل : مجموع هذه الأقوال .

وارتفع : ذلك ، بالابتداء ، و : بأنهم ، هو الخبر ، أي : ذلك الإعراض والتولي كائن لهم وحاصل بسبب هذا القول ، وهو قولهم : إنهم لا تمسهم النار إلاَّ أياماً قلائل ، يحصرها العدد .

وقيل : خبر مبتدأ محذوف ، أي : شأنهم ذلك ، أي التولي والإعراض ، قاله الزجاج . وعلى هذا يكون : بأنهم ، في موضع الحال ، أي : مصحوباً بهذا القول ، و : ما في : ما كانوا ، موصولة ، أو مصدرية .

﴿ ٢٤