٤٢

وإذ قالت الملائكة . . . . .

القلم : معروف وهو الذي يكتب به ، وجمعه أقلام ويقع على السهم الذي يقترع به ، وهو فعل بمعنى مفعولاً لأنه يقلم أي : يبرى ويسوى

وقيل : هو مشتق من القلامة ، وهي نبت ضعيف لترقيقه ، والقلامة أيضاً ما سقط من الظفر إذا قلم ، وقلمت أظفاره أخذت منها وسويتها قال زهير : لدى أسد شاكي السلاح مقذف

له لبد أظفاره لم تقلم

وقال بعض المولدين : يشبه بالهلال وذاك نقص

قلامة ظفره شبه الهلال

الوحي : إلقاء المعنى في النفس في خفاء ، فقد يكون بالملك للرسل وبالإلهام كقوله : { وَأُوحِىَ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ } وبالإشارة كقوله .

لأوحت إلينا والأنامل رسلها

{فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبّحُواْ } وبالكتابة : قال زهير : أتى العجم والآفاق منه قصائد

بَقِينَ بقاء الوَحْيِ في الحَجَرِ أَلاصَم

والوحي : الكتاب قال :

فمدافع الرّيان عرّى رسمها

خلقا كما ضمن الوحيّ سلامها

وقيل : الوحي جمع : وحي ،

وأما الفعل فيقال أوحى ووحى .

المسيح : عبراني معرب ، وأصله بالعبراني مشيحاً ، بالشين عرب بالسين كما غيرت في موشى ، فقيل : موسى ، قاله أبو عبيد

وقال الزمخشري : ومعناه المبارك ، كقوله { وَجَعَلَنِى مُبَارَكاً أَيْنَمَا كُنتُ } وهو من الألقاب المشرّفة ، كالصدّيق ، والفاروق ، انتهى .

وقيل : المسيح عربي ، واختلف : أهو مشتق من السياحة فيكون وزنه مفعلاً ؟ أو من المسيح فيكون وزنه فعيلاً ؟ وهل يكون بمعنى مفعول أو فاعل خلاف ، ويتبين في التفسير لم سمي بذلك .

الكهل : الذي بلغ سن الكهولة وآخرها ستون

وقيل : خمسون

وقيل : اثنان وخمسون ، ثم يدخل سن الشيخوخة .

واختلف في أوّلها فقيل : ثلاثون

وقيل : اثنان وثلاثون

وقيل : ثلاثة وثلاثون .

وقيل : خمسة وثلاثون

وقيل : أربعون عاماً .

وهو من اكتهل النبات إذا قوي وعلا ، ومنه : الكاهل ، وقال ابن فارس : اكتهل الرجل وخطه الشيب ، من قولهم : اكتهلت الروضة إذا عمها النور ، ويقال للمرأة : كهلة . انتهى .

ونقل عن الأئمة في ترتيب سن المولود وتنقل أحواله : أنه في الرحم : جنين ، فإذا ولد : فوليد ، فإذا لم يستتم الأسبوع : فصديع ، وإذا دام يرضع : فرضيع ، وإذا فطم : ففطيم ، وإذا لم يرضع : فجحوش ، فإذا دب ونما : فدارج ، فإذا سقطت رواضعه : فمثغور ، فإذا نبتت بعد السقوط : فمتغر ، بالتاء والثاء . فإذا كان يجاوز العشر : فمترعرع وناشيء ، فإذا كان يبلغ الحلم : فيافع ، ومراهق ، فإذا احتلم : فمحزور ، وهو في جميع هذه الأحوال : غلام . فإذا اخضر شاربه وسال عذاره : فباقل ، فإذا صار ذاقناً : ففتى وشارخ ، فإذا كملت لحيته : فمجتمع ، ثم ما دام بين الثلاثين والأربعين : فهو شاب ، ثم هو كهل : إلى أن يستوفي الستين . هذا هو المشهور عند أهل اللغة .

الطين : معروف ، ويقال طانه اللّه على كذا ، وطامه بابدال النون ميماً ، جبله وخلقه على كذا ، ومطين لقب لمحدث معروف .

الهيئة : الشكل والصورة ، وأصله مصدر يقال : هاء الشيء بهاء هيأ وهيئة إذا ترتب واستقر على حال مّا ، وتعديه بالتضعيف ، فتقول : هيأته ، قال { اللّه لَكُمْ}

النفخ : معروف .

الإبراء : إزالة العلة والمرض ، يقال : برىء الرجل وبرأ من المرض ،

وأما من الذنب ومن الدّين فبريء .

الكمه : العمى يولد به الإنسان وقد يعرض ، يقال : كمه يكمه كمهاً : فهو أكمه . وكمهتها أنا أعميتها قال سويد : .

كمهت عيناه حتى ابيضتا

وقال رؤبة .

فارتد عنها كارتداد الأكمه

البرص : داء معروف وهو بياض يعتري الجلد ، يقال منه : برص فهو أبرص ، ويسمى القمر أبرص لبياضه ، والوزغ سام أبرص للبياض الذي يعلو جلده .

ذخر : الشيء يذخره خبأه ، والذخر المذخور قال : لها أشارير من لخم تثمره

من الثعالي وذخر من أرانبها

{وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَئِكَةُ يامَرْيَمُ مَرْيَمَ إِنَّ اللّه اصْطَفَاكِ } لما فرغ من قصة زكريا ، وكان قد استطرد من قصة مريم إليها ، رجع إلى قصة مريم ، وهكذا عادة أساليب العرب ، متى ذكروا شيئاً استطردوا منه إلى غيره ثم عادوا إلى الأول إن كان لهم غرض في العود إليه ، والمقصود تبرئة مريم عن ما رمتها به اليهود ، وإظهار استحالة أن يكون عيسى إلهاً ، فذكر ولادته .

وظاهر قوله الملائكة أنه جمع من الملائكة

وقيل : المراد جبريل ومن معه من الملائكة ، لأنه نقل أنه : لا ينزل لأمر إلاَّ ومعه جماعة من الملائكة

وقيل : جبريل وحده .

وقرأ ابن مسعود ، وعبد اللّه بن عمرو : وإذ قال الملائكة ، وفي نداء الملائكة لها باسمها تأنيس لها وتوطئة لما تلقيه إليها ومعمول القول الجملة المؤكدة : بإن .

والظاهر مشافهة الملائكة لها بالقول

قال الزمخشري : روي أنهم كلموها شفاهاً معجزة لزكريا ، أو إرهاصاً لنبوّة عيسى . انتهى . يعني : بالارهاص التقدّم ، والدلالة على نبوّة عيسى وهذا مذهب المعتزلة ، لأن الخارق للعادة عندهم لا يكون على يد غير نبي إلاَّ إن كان في وقته نبي ، أو انتظر بعث نبي ، فيكون ذلك الخارق مقدمة بين يدي بعثة ذلك النبي .

{وَطَهَّرَكِ } التطهير هنا من الحيض ، قاله ابن عباس قال السدي : وكانت مريم لا تحيض . وقال قوم : من الحيض والنفاس وروي عن ابن عباس : من مس الرجال وعن مجاهد : عما يصم النساء في خلق وخلق ودين ، وعنه أيضاً : من الريب والشكوك .

{وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ } قيل : كرر على سبيل التوكيد والمبالغة

وقيل : لا توكيد إذ المراد بالاصطفاء الأول اصطفاء الولاية ، وبالثاني اصطفاء ولادة عيسى ، لأنها بولادته حصل لها زيادة اصطفاء وعلو منزلة على الأكفاء

وقيل : الاصطفاء

الأول : اختيار وعموم يدخل فيه صوالح من النساء ،

والثاني : اصطفاء على نساء العالمين .

وقيل : لما أطلق الاصطفاء الأول بيّن بالثاني أنها مصطفاة على النساء دون الرجال

وقال الزمخشري : اصطفاك أوّلاً حين تقبلك من أمّك ورباك ، واختصك بالكرامة السنية ، وطهرك مما يستقذر من الأفعال ، ومما قذفك به اليهود ، واصطفاك آخراً على نساء العالمين بأن وهب لك عيسى من غير أب ، ولم يكن ذلك لأحد من النساء . انتهى . وهو كلام حسن ، ويكون : نساء العالمين ، على قوله عاماً ، ويكون الأمر الذي اصطفيت به من أجله هو اختصاصها بولادة عيسى

وقيل : هو خدمة البيت

وقيل : التحرير ولم تحرر أنثى غير مريم

وقيل : سلامتهها من نخس الشيطان

وقيل : نبوتها ، فإنه قيل إنها نبئت ، وكانت الملائكة تظهر لها وتخاطبها برسالة اللّه لها ، وكان زكريا يسمع

ذلك ، فيقول : إن لمريم لشأناً . والجمهور على أنه لم ينبأ امرأه ، فالمعنى الذي اصطفيت لأجله مريم على نساء العالمين هو شيء يخصها ، فهو اصطفاء خاص إذ سببه خاص

وقيل : نساء العالمين ، خاص بنساء عالم زمانها ، فيكون الاصطفاء إذ ذاك عاماً ، قاله ابن جريج .

وروي عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال :  { خير نساء الجنة مريم بنت عمران} . وروي : { خير نسائها مريم بنت عمران } وروي :  { خير نساء العالمين أربع : مريم بنت عمران ، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد } وروي :  { فضلت خديجة على نساء أمّتي كما فضلت مريم على نساء العالمين } وروي : أنها من الكاملات من النساء .

وقد روي في الأحاديث الصحاح تفضيل مريم على نساء العالمين ، فذهب جماعة من المفسرين إلى ظاهر هذا التفضيل قال بعض شيوخنا : والذي رأيت ممن اجتمعت عليه من العلماء ، أنهم ينقلون عن أشياخهم : أن فاطمة أفضل النساء المتقدمات والمتأخرات لأنها بضعة من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.

﴿ ٤٢