٩٨قل يا أهل . . . . . {قُلْ ياأَهْلَ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن تَكْفُرُونَ بِئَيَاتِ اللّه وَاللّه شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ } : قال الطبري : سبب نزولها ونزول ما بعدها إلى قوله :{ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } أن رجلاً من اليهود حاول الإغراء بين الأوس والخزرج واسمه : شاس بن قيس ، وكان أعمى شديد الضغن والحسد للمسلمين ، فرأى ائتلاف الأوس والخزرج ، فقال : ما لنا من قرار بهذه البلاد مع اجتماع ملا بني قيلة ، فأمر شاباً من اليهود أنْ يذكرهم يوم بعاث وما جرى فيه من الحرب وما قالوه من الشعر ، ففعل ، فتكلموا حتى ثاروا إلى السلاح بالحرة . فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : { أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم } ؟ ووعظهم فرجعوا وعانق بعضهم بعضاً ، هذا ملخصه وذكروه مطولاً . وقال الحسن : وقتادة ، والسدي : نزلت في أحبار اليهود الذين كانوا يصدون المسلمين عن الإسلام بأن يقولوا لهم : إنّ محمداً ليس بالموصوف في كتابنا ، والظاهر نداء أهل الكتاب عموماً والعامة ، وإن لم يعلموا فالحجة قائمة عليهم كقيامها على الخاصة . وكأنهم بترك الاستذلال والعدول إلى التقليد بمنزلة مَنْ علم ثم أنكره . وقيل : المراد علماء أهل الكتاب الذين علموا صحة نبوّته ، واستدل بقوله : { وأنتم شهداء } انتهى هذا القول . وخصّ أهل الكتاب بالذكر دون سائر الكفار لأنهم هم المخاطبون في صدر هذه الآية المورد الدلائل عليهم من التوراة والإنجيل على صحة نبوّة محمد صلى اللّه عليه وسلم ، والمجابون عن شبههم في ذلك . ولأن معرفتهم بآيات اللّه أقوى لتقدم اعترافهم بالتوحيد وأصل النبوّة ، ولمعرفتهم بما في كتبهم من الشهادة للرسول والبشارة به . ولما ذكر تعالى أنّ في البيت { بَيّنَاتٍ فَاسْأَلْ } وأوجب حجه ، ثم قال :{ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللّه غَنِىٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ } ناسب أنْ يُنكِرَ على الكفار كفرهم بآيات اللّه ، فناداهم بيا أهل الكتاب لينبههم على أنهم أهل الكتاب ، فلا يناسب مَنْ يعتزي إلى كتاب اللّه أنْ يكفر بآياته ، بل ينبغي طواعيته وإيمانه بها ، إذْ له مرجع من العلم يصير إليه إذا اعترته شبهة . والآيات : هي العلامات التي نصبها اللّه دلالة على الحق . وقيل : آيات اللّه هي آيات من التوراة فيها صفة محمد صلى اللّه عليه وسلم. ويحتمل القرآن ، ومعجزة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. { وَاللّه شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ } جملة حالية فيها تهديد ووعيد . أيْ إنّ مَن كان اللّه مطَّلعاً على أعماله مشاهداً له في جميع أحواله لا يناسبه أن يكفر بآياته ، فلا يجامع العلم بأن اللّه مطلع على جميع أعمال الكفر بآيات اللّه ، لأن من تيقن أن اللّه مجازيه لا يكاد يقع منه الكفر الذي هو أعظم الكبائر . وأتت صيغة { شهيد} لتدل على المبالغة بحسب المتعلق . لأن الشهادة يراد بها العلم في حق اللّه ، وصفاته تعالى من حيث هي هي لا تقبل التفاوت بالزيادة والنقصان . فإذا جاءت الصفة من أوصافة للمبالغة فذلك بحسب متعلقاتها . وتقدّم الكلام على { لم} وحذف الألف من ما الاستفهامية إذا دخل عليها الجار . وقوله : { على ما تعملون } متعلق بقوله : شهيد . وما موصولة . وجوزوا أنْ تكون مصدرية ، أي على عملكم . |
﴿ ٩٨ ﴾