١١٣

ليسوا سواء من . . . . .

الآناء : الساعات . وفي مفردها لغات أني كمعي ، وأني كفتى ، وأني كنحي ، وأتى كظبي ، وانو كجرو

الصر : البرد الشديد المحرق .

وقيل : البارد بمعنى الصرصر كما قال : لا تعدلن إناء بين تضر بهم

نكباء ضرّ بأصحاب المحلات

وقالت ليلى الأخيلية : ولم يغلب الخصم الألد ويملأ

الجفان سديفاً يوم منكباء صرصر

وقال ابن كيسان : هو صوت لهب النار ، وهو اختيار الزجاج من الصرير . وهو الصوت من قولهم : صرَّ الشيء ، ومنه الريح الصرصر . وقال الزجاج : والصرُّ صوت النار التي في الريح .

البطانة في الثوب بإزاء الظهارة ، ويستعار لمن يختصه الإنسان كالشعار والدثار . يقال : بطن فلان من فلان بطوناً وبطانة إذا كان خاصاً به ، داخلاً في أمره . وقال الشاعر : أولئك خلصاني نعم وبطانتي

وهم عيبتي من دون كل قريب

ألوت في الأمر : قصرت فيه . قال زهير : سعى بعدهم قوم لكي يدركوهم

فلم يفعلوا ولم يليموا لم يألووا

أي لم يقصروا . الخبال والخبل : الفساد الذي يلحق الحيوان . يقال : في قوائم الفرس خبل وخبال أي فساد من جهة الاضطراب . والخبل والجنون .

ويقال : خبله الحب أي أفسده .

البغضاء : مصدر كالسراء والبأساء يقال : بغض الرجل فهو بغيض ، وأبغضته أنا اشتدت كراهتي له .

الأفواه معروفة ، والواحد منها في الأصل فوه . ولم تنطق به العرب بل قالت : فم . وفي الفم لغات تسع ذكرت في بعض كتب النحو .

العض : وضع الأسنان على الشيء بقوة ، والفعل منه على فِعل بكسر العين ، وهو بالضاد . فأماعظ الزمان وعظ الحرب فهو بالظاء أخت الطاء قال : وعض زمان يا ابن مروان لم يدع

من المال إلا مسحتا أو مجلف

والعُض بضم العين علف أهل الأمصار مثل : الكسب والنوى المرضوض : يقال منه : أعض القوم إذا أكل

إبلهم العض . وبعير عضاضيّ أي سمين ، كأنه منسوب إليه . والعِض بالكسر الداهية من الرجال .

الأنامل جمع أنملة ،

ويقال : بفتح الميم وضمها ، وهي أطراف الأصابع . قال ابن عيسى : أصلها النمل المعروف ، وهي مشبهة به في الدقة والتصرف بالحركة . ومنه رجل نمل : أي نمام .

الغيض : مصدر غاضة ، وغيض اسم علم .

الفرح : معروف يقال منه : فرح بكسر العين .

الكيد : المكر كاده يكيده مكر به . وهو الاحتيال بالباطل . قال ابن قتيبة : وأصله المشقة من قولهم : فلان يكيد بنفسه ، أي يعالج مشقات النزع وسكرات الموت .

{لَيْسُواْ سَوَاء مّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ } سببت النزول إسلام عبد اللّه بن سلام وغيره من اليهود ، وقول الكفار من أحبارهم : ما آمن بمحمد إلا شرارنا ، ولو كانوا خياراً ما تركوا دين آبائهم قاله : ابن عباس ، وقتادة ، وابن جريج . والواو في ليسوا هي لأهل الكتاب السابق ذكرهم في قوله :{ وَلَوْ ءامَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ مّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ } والأصح : أن الواو ضمير عائد على أهل الكتاب ، وسواء خبر ليس . والمعنى : ليس أهل الكتاب مستوين ، بل منهم من آمن بكتابه وبالقرآن ممن أدرك شريعة الإسلام ، أو كان على استقامة فمات قبل أن يدركها .

ومن أهل الكتاب أمة قائمة : مبتدأ وخبر . وقال الفراء : أمة مرتفعة بسواء ، أي ليس أهل الكتاب مستوياً من أهل الكتاب أمة قائمة موصوفة بما ذكر وأمة كافرة ، فحذفت هذه الجملة المعادلة ، ودل عليها القسم الأول كقوله : عصيت إليها القلب إني لأمره

سميع فما أدري أرشد طلابها

التقدير : أم غي فحذف لدلالة أرشد وقال : أراك فما أدري أهم ضممته

وذو الهم قدماً خاشع متضائل

التقدير : أم غيره . قال الفراء : لأن المساواة تقتضي شيئين : سواء العاكف فيه والبادي سواء محياهم ومماتهم . ويضعف قول الفراء من حيث الحذف . ومن حذف وضع الظاهر موضع المضمر ، إذ التقدير : ليس أهل الكتاب مستوياً منهم أمة قائمة كذا ، وأمة كافرة . وذهب أبو عبيدة : إلى أن الواو في ليسوا علامة جمع لا ضمير مثلها ، في قول الشاعر : يلومونني في شراء النخي

ل قومي وكلهم ألوم

واسم ليس : أمّة قائمة ، أي ليس سواء من أهل الكتاب أمّةً قائمة موصوفة بما ذكروا أمة كافرة .

قال ابن عطية : وما قاله أبو عبيدة خطأ مردود انتهى . ولم يبين جهة الخطأ ، وكأنه توهم أن اسم ليس هو أمة قائمة فقط ، وأنه لا محذوف . ثمّ إذ ليس الغرضُ تفاوت الأمة القائمة التالية ، فإذا قدر ثم محذوف لم يكن قول أبي عبيدة خطأ مردوداً . قيل : وما قاله أبو عبيدة هو على لغة أكلوني البراغيث ، وهي لغة رديئة والعرب على خلافها ، فلا يحمل عليها مع ما فيه من مخالفة الظاهر

انتهى . وقد نازع السهيلي النحويين في قولهم : إنها لغة ضعيفة ، وكثيراً ما جاءت في الحديث . والإعراب الأول هو الظاهر . وهو : أن يكون من أهل الكتاب أمةٌ قائمة مستأنف بيان لانتفاء التسوية كما جاء { يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ } بياناً لقوله :{ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ } والمراد بأهل الكتاب واليهود والنصارى .

وأمة قائمة أي مستقيمة من أقمت العود فقام ، أي استقام . قال مجاهد والحسن وابن جريج : عادلة .

وقال ابن عباس وقتادة والربيع : قائمة على كتاب اللّه وحدوده مهتدية . وقال السدي : قانتة مطيعة ، وكلها راجع للقول الأوّل .

وقال ابن مسعود والسدي : الضمير في ليسوا عائد على اليهود . وأمة محمد صلى اللّه عليه وسلم إذ تقدم ذكر اليهود وذكرُ هذه الأمة في قوله :{ كنتم خير أمة} . والكتاب على هذا القول جنسُ كتب اللّه ، وليس بالمعهود من التوراة والإنجيل فقط . والمراد بقوله : من أهل الكتاب أمة قائمة أهل القرآن . والظاهر عود الضمير على أهل الكتاب المذكورين في قوله :{ وَلَوْ ءامَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ } لتوالي الضمائر عائدة عليهم فكذلك ضمير ليسوا . وقال عطاء : من أهل الكتاب أمة قائمة الآية يريد أربعين رجلاً من أهل نجران من العرب ، واثنين وثلاثين من الحبشة ، وثمانية من الروم ، كانوا على دين عيسى وصدقوا محمداً صلى اللّه عليه وسلم. وكان ناس من الأنصار موحدين ويغتسلون من الجنابة ، ويقومون بما عرفوا من شرائع الحنيفية قبل قدوم النبي صلى اللّه عليه وسلم ، حتى جاءهم منه أسعد بن زرارة والبراء بن معرور ومحمد بن مسلمة وقيس بن صرمة بن أنس .{ يَتْلُونَ ءايَاتِ اللّه ءانَاء الَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ } وصف الأمة القائمة بأنها تالية آيات اللّه ، وعبَّر بالتلاوة في ساعات الليل عن التهجد بالقرآن . وقوله : وهم يسجدون جملة في موضع الصفة أيضاً معطوفة على يتلون ، وصفهم بالتلاوة للقرآن وبالسجود . فتلاوة القرآن في القيام ،

وأما السجود فلم تشرع فيه التلاوة . وجاءت الصفة الثانية اسمية لتدل على التوكيد بتكرر الضمير وهو هم ، والواو في يسجدون إذ أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد . وأخبر عن المبتدأ بالمضارع ، وجاءت الصفة الأولى بالمضارع أيضاً لتدل على التجدد ، وعطفت الثانية على الأولى بالواو لتشعر بأن تلك التلاوة كانت في صلاة ، فلم تكن التلاوة وحدها ولا السجود وحده .

وظاهر قوله : آناء الليل أنها جميع ساعات الليل . فيبعد صدور ذلك أعني التلاوة والسجود من كل شخص شخص ، وإنما يكون ذلك من جماعة إذْ بعضُ الناس يقوم أول الليل ، وبعضهم آخره ، وبعضهم بعد هجعة ثم يعود إلى نومه ، فيأتي من مجموع ذلك في المدن والجماعات استيعاب ساعات الليل بالقيام في تلاوة القرآن والسجود ، وعلى هذا كان صدر هذه الأمة . وعرف الناس القيام في أول الثلث الأخير من الليل ، أو قبله بقليل ، والقائم طول الليل قليل ، وقد كان في الصالحين مَنْ يلتزمه ، وقد ذكر اللّه القصد في ذلك في أول المزمل . وآناء الليل : ساعاته قاله الربيع وقتادة وغيرهما . وقال السدي : جوفه وهو من إطلاق الكل على الجزء ، إذ الجوف فرد من الجمع . وعن منصور : أنها نزلت في المصلين بين العشاءين ، وهو مخالف لظاهر قوله :{ يَتْلُونَ ءايَاتِ اللّه ءانَاء الَّيْلِ} وعن ابن مسعود : أنها صلاة العتمة . وذكر أنّ سبب نزولها هو احتباكُ النبي صلى اللّه عليه وسلم في صلاة العتمة وكان عند

بعض نسائه فلم يأت حتى مضى الليل ، فجاء ومنّا المصلي ومنا المضطجع فقال :  { أبشروا فإنه ليس أحد من أهل الكتاب يصلي هذه الصلاة } ولهذا السبب ذكر ابن مسعود أن قوله : ليسوا سواء عائد على اليهود وهذه الأمة ، وهو خلاف الظاهر . والظاهر من قوله : وهم يسجدون أنه أريد به السجود في الصلاة .

وقيل : عبر بالسجود عن الصلاة تسمية للشيء بجزء شريف منه ، كما يعبر عنها بالركوع قاله : مقاتل ، والفراء ، والزجاج . لأن القراءة لا تكون في الركوع ولا في السجود ، فعلى هذا تكون الجملة في موضع الحال ، أي يتلون آيات اللّه متلبسين بالصلاة .

وقيل : سجود التلاوة .

وقيل : أريد بالسجود الخشوع والخضوع . وذهب الطبري وغيره إلى أنها جملة معطوفة من الكلام الأوّل ، أخبر عنهم أيضاً أنهم أهل سجود ، ويحسِّنُهُ أنْ كانت التلاوة في غير صلاة . ويكون أيضاً على هذا التأويل في غير صلاة نعتاً عدد بواو العطف ، كما تقول : جاءني زيد الكريم والعاقل . وأجاز بعضهم في قوله : وهم يسجدون أن يكون حالاً من الضمير في قائمة ، وحالاً من أمة ، لأنها قد وصفت بقائمة . فتلخص في هذه الجملة قولان :

أحدهما : أنها لا موضع لها من الإعراب ، بأن تكون مستأنفة . والقول الآخر : أن يكون لها موضع من الإعراب ويكون رفعاً بأن يكون في موضع الصفة ، أو بأن يكون نصباً بأن يكون في موضع الحال ، إما من الضمير في يتلون ، أو من الضمير في قائمة ، أو من أمة . ودلت هذه الآية على الترغيب في قيام الليل ، وقد جاء في كتاب اللّه : { وَمِنَ الَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ }{ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ ءانَاء الَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً }{ عَدَداً يأَيُّهَا الْمُزَّمّلُ قُمِ الَّيْلَ} وفي الحديث : { يا عبد اللّه لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فتركه وقبله ، نعم الرجل عبد اللّه إلا أنه لا يقوم من الليل } وغير ذلك كثير . وعن رجل من بني شيبة كان يدرس الكتب قال : إنا نجد كلاماً من كلام الرب عزّ وجل : أيحسب راعي إبل وغنم إذا جنه الليل انجدل كمن هو قائم وساجد الليل .

﴿ ١١٣